وفي كتاب كليلة ودمنة [1] : «وكن كالنّسر حوله الجيف، ولا تكن كالجيف حولها النسور» . فاعترض على ترجمة ابن المقفّع بعض المتكلّفين من فتيان الكتّاب فقال: إنما كان ينبغي أن يقول: «كن كالضّرس حفّ بالتّحف، ولا تكن كالهبرة تطيف بها الأكلة» : وأطنّه أراد الضّروس فقال الضّرس. وهذا من الاعتراض عجب.
ويوصف النسر بشدّة الارتفاع، حتّى ألحقوه بالأنوق، وهي الرّخمة.
وقال عديّ بن زيد [2] : [من الخفيف]
فوق علياء لا ينال ذراها ... يلغب النّسر دونها والأنوق [3]
وأنشدوا في ذلك: [من الكامل]
أهل الدّناءة في مجالسهم ... الطّيش والعوراء والهذر
يدنون ما سألوا وإن سئلوا ... فهم مع العيّوق والنّسر
وقال زيد بن بشر التّغلبي، في قتل عمير بن الحباب: [من الخفيف]
لا يجوزنّ أرضنا مضريّ ... بخفير ولا بغير خفير
طحنت تغلب هوازن طحنا ... وألحّت على بني منصور [4]
يوم تردى الكماة حول عمير ... حجلان النسور حول جزور
وقال جميل [5] : [من الطويل]
وما صائب من نابل قذفت به ... يد وممرّ العقدتين وثيق [6]
له من خوافي النّسر حمّ نظائر ... ونصل كنصل الزّاعبيّ رقيق [7]
على نبعة زوراء أمّا خطامها ... فمتن وأمّا عودها فعتيق [8]