الحيوان (صفحة 1401)

وهذا يدلّ على أنّ صرع الشّيطان للإنسان ليس هو عند العوامّ إلّا على جهة ما يعرفون من الجماع.

ومن هذا الضّرب من الحديث ما حدّثنا به المازنيّ، قال: ابتاع فتى صلف بذّاخ [1] جارية حسناء بديعة ظريفة، فلمّا وقع عليها قال لها مرارا ويلك. ما أوسع حرك! فلمّا أكثر عليها قالت: أنت الفداء لمن كان يملؤه.

فقد سمع هذا كما ترى من المكروه مثل ما سمع الأوّل.

وزعموا أنّ رجلا نظر إلى امرأة حسناء ظريفة، فالحّ عليها، فقالت: ما تنظر؟

قرّة عينك، وشيء غيرك! وزعم أبو الحسن المدائني أن رجلا تبع جارية لقوم. فراوغته فلم ينقطع عنها، فحثّت في المشي فلم ينقطع عنها، فلمّا جازت بمجلس قوم قالت: يا هؤلاء، لي طريق ولهذا طريق، ومولاي ينيكني؛ فسلوا هذا ما يريد مني؟

وزعم أيضا أن سيارا البرقيّ قال: مرّت بنا جارية، فرأينا فيها الكبر والتجبّر، فقال بعضنا: ينبغي أن يكون مولى هذه الجارية ينيكها! قالت: كما يكون! فلم أسمع بكلمة عامّية أشنع ولا أدلّ على ما أرادت، ولا أقصر من كلمتها هذه.

وقد قال جحشويه في شعر شبيها بهذا القول، حيث يقول: [من الوافر]

تواعدني لتنكحني ثلاثا ... ولكن يا مشوم بأيّ أير

فلو خطبت في صفة أير خطبة أطول من خطبة قيس بن خارجة بن سنان في شأن الحمالة- لما بلغ مبلغ قول جحشويه: «ولكن يا مشوم بأيّ أير» ، وقول الخادم:

«كما يكون» .

وزعموا [2] أن فتى جلس إلى أعرابيّة، وعلمت أنّه إنما جلس لينظر إلى محاسن ابنتها، فضربت بيدها على جنبها، ثم قالت: [من الوافر]

علنداة يئطّ الأير فيها ... أطيط الغرز في الرّحل الجديد [3]

ثم أقبلت على الفتى فقالت: [من الطويل]

وما لك من غير أنّك ناكح ... بعينيك عينيها فهل ذاك نافع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015