سوق الضباب خير سوق في العرب
وكان أبو إسحاق إبراهيم النظام والعدار، إذا كان عند أيوب قاما عن خوانه [1] ، إذا وضع له عليه ضبّ. ومما قال فيه العدار قوله: [من الطويل]
له كفّ إنسان وخلق عظاية ... وكالقرد والخنزير في المسخ والغضب
والعوامّ تقول ذلك. وناس يزعمون أن الحيّة مسخ، والضبّ مسخ، والكلب مسخ، والإربيان [2] ، مسخ، والفأر مسخ.
ولم أر أهل الكتاب يقرّون بأنّ الله تعالى مسخ إنسانا قط خنزيرا ولا قردا. إلّا أنهم قد أجمعوا أنّ الله تبارك وتعالى قد مسخ امرأة لوط حجرا [3] ، حين التفتت [4] .
وتزعم الأعراب: أنّ الله عزّ ذكره قد مسخ كلّ صاحب مكس وجابي خراج وإتاوة، إذا كان ظالما. وأنه مسخ ماكسين، أحدهما ذئبا والآخر ضبعا.
وأنشد محمّد بن السّكن المعلّم النحويّ، للحكم بن عمرو البهراني، في ذلك وفي غيره شعرا عجيبا، وقد ذكر فيه ضروبا كلّها طريف غريب، وكلها باطل، والأعراب تؤمن بها أجمع.
وكان الحكم هذا أتى بني العنبر بالبادية، على أنّ العنبر من بهراء، فنفوه من البادية إلى الحاضرة، وكان يتفقّه ويفتي فتيا الأعراب [5] ، وكان مكفوفا ودهريّا