ثم قال:
وأدبر كالشّعرى وضوحا ونقبة ... يواعس من حرّ الصّريمة معظما [1]
قال: ولعلم العرب بأن طبع الإنسان داعية إلى الهرب من شقّ الشمال، يحبّون أن يأتوا أعداءهم من شقّ اليمين. قال: ولذلك قال شتيم بن خويلد: [من الطويل]
فجئناهم من أيمن الشّق غدوة ... ويأتي الشّقيّ الحين من حيث لا يدري
وأما رواية أصحابنا فهي: «فجئناهم من أيمن الشق عندهم» .
وإذا كان أكثر عمل الرجل بيساره كان أعسر، فإذا استوى عملا بهما قيل «أعسر يسر» [2] ، فإذا كان أعسر مصمتا فليس بمستوى الخلق، وهو عندهم إذا كان كذلك فليس بميمون الخلق. ويشتقّون من اليد العسرى العسر والعسرة. فلما سمّوها الشّمال أجروها في الشؤم وفي المشؤوم على ذلك المعنى. وسموها اليد اليسار واليد اليسرى على نفي العسر والنكد، كما قالوا: سليم، ومفازة. ثم أفصحوا بها في موضع فقالوا اليد الشؤمى.
ومما قالوا في الشمال قول أبي ذؤيب [3] : [من الطويل]
أبالصّرم من أسماء جدّ بك الذي ... جرى بيننا يوم استقلّت ركابها
زجرت لها طير الشّمال فإن يكن ... هواك الذي تهوى يصبك اجتنابها
وقال شتيم بن خويلد [4] : [من المتقارب]
وقلت لسيّدنا يا حليم ... إنّك لم تأس أسوا رفيقا