تبطّط [1] من السمّ الذي يرتفع إلى فيه، بمصّته وجذبته من أذناب المحاجم [2] . حتى عمدوا بعد ذلك إلى شيء من قطن، فحشوا به تلك الأنبوبة، فإذا جذب بمصّته فارتفع إليه من بخار الدّم أجزاء من ذلك السم، تعلقت بالقطن، ولم تنفذ إلى فيه. والقطن ليس مما يدفع قوّة المص. ثم وقعوا بعد ذلك على حشيشة فوجدوا فيها الشفاء!
ومن أعاجيب ما في العقرب أنا وجدنا عقارب القاطول يموت بعضها عن لسع بعض، ثم لا يموت عن لسعها شيء غير العقارب [3] .
ونجد العقرب تلسع إنسانا فيموت الإنسان، وتسلع آخر فتموت هي. فدلّ ذلك على أنها كما تعطي تأخذ، وأن للناس أيضا سموما عجيبة. ولذلك صار بعضهم إذا عضّ قتل.
ومن أعاجيبها أنها تضرب الطست [4] أو القمقم [5] فتخرقه. وربما ضربته فتثبت فيه إبرتها ثم تنصل حتى تبين منها.
والعنبر يقذفه البحر إلى عبريه [6] ، فلا يأكل منه شيء إلا مات، ولا ينقره طائر بمنقار إلا نصل فيه منقاره. فإذا وضع رجليه نصلت [7] أظفاره. فإن كان قد أكل منه قتله ما أكل. وإن لم يكن أكل فإنه ميت لا محالة، لأنه إذا بقي بغير منقار، ولم يكن للطائر شيء يأكل به مات.
والبحريّون والعطّارون يخبروننا أنهم ربما وجدوا فيه المنقار والظفر. وإنّ البال [8] ليأكل منه اليسير فيموت.