أو ليس معلوما من أخلاقها اجتذاب فتائل المصابيح رغبة في تلك الأدهان، حتى ربما جذبتها جهلا وفي أطرافها الأخر السّرج تستوقد فتحرق بذلك القبائل الكثيرة، بما فيها من الناس والأموال والحيوان؟!.
وهي بعد آكل للبيض وأصناف الفراخ من الحيّات لها.
فكيف لم تكن من هذه الجهة من خلق الشيطان؟!.
هذا، وبين طباعها وطباع الإنسان منافرة شديدة، ووحشة مفرطة. وهي لا تأنس بالناس وإن طالت معايشتها لهم والسّنّور آنس الخلق بهم.
وكيف تأنس بهم وهم لا يقلعون عن قتلها ما لم تقلع هي عن مساءتهم؟! فلو كنّ مما يؤكل لكان في ذلك بعض المرفق [1] . فكيف وإنها لتلقى في الطريق ميّتة، فما يعرض لها الكلب الجائع! فالأمم كلها على التفادي منها واتخاذ السنانير لها.
وزرادشت بهذا العقل دعا الناس إلى نكاح الأمهات، وإلى التوضؤ بالبول، وإلى التوكيل في نيك المغيبات، وإلى إقامة سور للسّنب [2] ، وصاحب الحائض والنفساء [3] .
ولولا أنّه صادف دهرا في غاية الفساد، وأمّة في غاية البعد من الحرية ومن الغيرة والألفة، ومن التقزّز والتنظف، لما تمّ له هذا الأمر.
وقد زعم ناس أن ذلك إنما كان وإنما تمّ لأنه بدأ بالملك [4] ؛ فدعاه على قدر ما عرف من طباعه وشهوته وخلقه. فكان الملك هو الذي حمل على ذلك رعيّته.
والذي قال هذا القول ليس يعرف من الأمور إلا بقدر ما باين [5] به العامّة؛ لأنه لا يجوز أن يكون الملك حمل العامّة على ذلك، إلا بعد أن يكون زرادشت ألفى