باب ذكر "علم " الله عز وجل"

فقال لي بشر: "لو ورد عليك اثنان وقد تنازعا في علم الله عز وجل، فحلف أحد هما بالطلاق: إن علم الله هو الله. وخلف الآخر بالطلاق: إن علم الله غير الله، فقالا لك: أفتنا في أيماننا فما كان جوابك لهما. قلت: الإمساك عنهما وتركهما وجهلهما وصرفهما بغير جواب. قال بشر يلزمك ويجب عليك إذ كنت تدعي العلم أن تجيبهما عن مسألتهما وأن تخرجهما من أيمانهما وإلاّ فأنت وهما في الجهل سواء. قال عبد العزيز: فقلت لبشرة أو يجب علي أن أجيب كل من سألني عن مسألة لا أجد لها في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرا ولا علما قد جهل السائل عنها، وحمق الحالف عليها. قال بشر: يجب عليك أن تجيبه عن مسألته فإنه لابد لكل مسألة من جواب".

قال عبد العزيز: فقلت: "هذا جهل من قائله. قال عبد العزيز: ثم أقبلت على المأمون فقلت: يا أمير المؤمنين سمعت ما قال بشر إنه يجب علي جواب من سألني عن مسألة وفتياه وإخراجه من يمينه بما لا أجده في كتاب الله ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم".

فلو ورد علي يا أمير المؤمنين ثلاثة نفر "قد تنازعوا" في الكوكب الذي أخبير الله عز وجل أن إبراهيم عليه السلام رآه بقوله: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ} 1 فقال أحدهم: حلفت بالطلاق إنه المشتري وقال الآخر حلفت بالطلاق إنه الزهرة. "وقال الآخر حلفت بالطلاق إنه المريخ " فأفتنا في أيماننا وأجبنا في مسألتنا كان علي أن أجيبهم في مسألتهم وأفتيهم في أيمانهم، وذلك مما لم يخبرنا الله عز وجل به ولا رسوله.

فقال المأمون: ما ذلك عليك بواجب ولا لك بلازم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015