يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ} 1 وقال: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً} 2 وقال عز وجل: {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ} 3 وقال عز وجل: {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلاّ بِعِلْمِه} 4 فأخبر الله عز وجل بأخبار كثيرة في كتابه، أن له علما أفتقر يا بشر أن لله علما كما أخبرنا أو تخالف التنزيل"؟
قال عبد العزيز: "فحاد بشر عن جوابي وأبا أن يصرح بالكفر" فيقول: "ليس لله عليم، فيكون قد رد نص التنزيل فتتبين ضلالته وكفره، وأبى أن يقول: إن لله علما، فأسأله عن علم الله هل هو داخل في الأشياء المخلوقة أم لا؟ وعلم ما أريد، وما يلزمه في ذلك من كسر قوله وإبطال حجته، فاجتلب كلاما لم أسأله عنه، فقال: معنى علمه إنه لا يجهل. فأقبلت على المأمون فقلت: يا أمير المؤمنين لا يكون الخبر عن المعنى قبل الإقرار بالشيء، وإنما يكون الإقرار بالشيء ثم الخبر عن معناه، فليقر بشر أن لله علما كما أخبرنا في كتابه، فإن سألته عن معنى العلم وهذا مما لا أسأله عنه فليجبن أن الله لا يجهل، وقد حاد بشريا أمير المؤمنين عن جوابي".
فقال بشر: "وهل تعرف الحيدة"؟ قلت: "نعم إني أعرف الحيدة في كتاب الله عز وجل وهي سبيل الكفار التي اتبعتها".
فقال لي المأمون: "يا عبد العزيز هل تعرف الحيدة في كتاب الله عز وجل"؟ قلت: "نعم يا أمير المؤمنين وفي سنة المسلمين، وفي لغة العرب". فقال: "وأين هي من كتاب الله عز وجل". فقلت: "قال الله عز وجل في قصة إبراهيم عليه السلام حين قال لقومه: {قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ، أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ} 5 وإنما قال لهم إبراهيم هذا ليكذبهم فيعيب آلهتهم ويسفه أحلامهم فعرفوا ما أراد بهم، وإنهم بين أمرين: