لشؤونه، المتصرف فيه بحكمته ومشيئته، لا يقع شيءٌ في هذا العالم من حركة أو سكون، أو خفض أو رفع، أو عز أو ذل، أو عطاء أو منع إلاّ بإذنه، يفعل ما يشاء ولا يُمانع ولا يُغالب، بل قد قهر كلَّ شيء، ودان له كلُّ شيء، كما قال تعالى: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} 1، وقال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} 2، وقال تعالى: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ} 3، فالقائل لتلك الكلمة مقرٌّ بهذا، مذعن به، معترف أنَّ أموره كلَّها بيد ربّه ومليكه وخالقه لا قدرة له على شيء ولا حول ولا قوة إلاّ بإذن ربّه ومولاه، وبتوفيق سيّده ومليكه، ولهذا إليه يلجأ، وبه يستعين، وعليه يعتمد في كلِّ أحواله وفي جميع شؤونه.

3 – تضمنها الإقرار بأسماء الله وصفاته، إذ القائل لهذه الكلمة ـ ولا بد ـ مقرٌّ بأنَّ المدعو المقصود الملتجأ إليه بهذه الكلمة غنيٌّ بذاته، وكلُّ ما سواه فقيرٌ إليه، قائم بذاته وكلُّ ما سواه لا يقوم إلاّ به، قديرٌ لذاته وكلُّ ما سواه عاجز لا قدرة له إلاّ بما أقدره، متصف بجميع صفات الكمال ونعوت العظمة والجلال، وكلُّ ما سواه ملازمه النقص، وليس الكمال المطلق إلاّ له سبحانه وتعالى، فلعظمة أسمائه وكمال نعوته وصفاته استحق أن يقصد وحده، وأن لا يلجأ إلاّ إليه.

4 – وفي هذا دلالةٌ وإشارة إلى التلازم بين التوحيد العلمي بقسميه: توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، والتوحيد العملي الذي هو توحيد الألوهية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015