فلما رأت الغل قالت: يا أبت، أي شيء هذا في يدك؟ فبكت أمها من ذلك وبكت هي. فقال يذكر ذلك في شعره:
ولقد ساءني زيارة ذي قر ... بى صغير لودنا مشناق
ساءها ما بنا تبين في الأي ... دي وإشناقها إلى الأعناق
فلما نامت الصبية دنت منه أمها فحدثته ساعة، ثم قال:
فاذهبي يا أميم غير بعيد ... لا يؤاتي العناق من في الوثاق
واذهبي يا أميم إن يشأ الل ... هـ يفرج من أزم هذا الخناق
أو تكن وجهة فتلك سبيل الن ... اس لا تمنع الحتوف الرواقي
فلما بعث إلى النعمان بأشعاره رق له وندم على ما جاء منه. فخشي أن يخلي عنه فيمكر به. وقد عرف ذنبه إليه. فتركه حتى جاءه كتاب من كسرى في أمر عدي فقطع به. فأمر حرس السجن بقتل عدي فقتلوه، وقال: إنه كان يتشكى. وأمر رسولي كسرى أن يدخلا السجن. فدخلا عليه وهو ميت، وأعطاهما النعمان ذهباً ليحسنا عذره عند كسرى، ففعلا.
وكان لعدي بن زيد ولد يقال له: زيد بن عدي، وكان أديباً عاقلاً، فتوصل زيد بن عدي إلى كسرى حتى أحله محل أبيه، ثم جعل زيد بن عدي يذكر نساء آل المنذر بالجمال والأدب، ويصفهن لكسرى ويرغبه فيهن، حتى اشتاق إلى النكاح منهن فقال زيد بن عدي: ابعث أيها الملك إلى النعمان