هر من بن كسرى أنو شروان بن قباذ بن فيروز بن يزد جرد، الملك الفارسي، يترجم له بالفارسية ما يرد من كتب العرب. وكان النعمان بن المنذر نشأ في حجر آل عدي بن زيد، فطلب كسرى رجلاً يستعمله على العرب، فاحتال عدي بن زيد في توليته النعمان، وكان له فيه هوى لتربيتهم إياه، وكان للنعمان عدة إخوة. فقال عدي لكل واحد من إخوة النعمان: إذا قال لك الملك: أتكفيني العرب كلها؟ فقل: نعم، أكفيك العرب كلها ما خلا بني أبي. فأدخلهم واحداً واحداً على كسرى، وهو يسألهم، ويجيبونه بما قال لهم عدي بن زيد. ثم أدخل النعمان على كسرى بعد إخوته، وكان أزراهم منظراً. وقال له: إذا قال لك الملك: أتكفيني العرب كلها؟ فقل: نعم أكفيك العرب كلها. فإذا قال: وتكفيني بني أبيك؟ فقل: إذا لم أكفك بني أبي فكيف أكفيك العرب كلها. فسأله كسرى. فقال له كما قال له عدي. فولاه على جميع العرب بسبب عدي ولطف احتياله. وكان عدي بن مرينا مع بعض إخوة النعمان، وكان ببغض عدياً ويحسده. فجعل عدي بن مرينا يقع في عدي بن زيد عند النعمان ويحمله عليه ويقول للنعمان: إنه يحقرك ولا يعرف قدرك، ولا آمن أن يشي بك إلى كسرى. فغضب النعمان من ذلك وبعث إلى عدي بن زيد يستزيره. فأتاه عدي. فأمر النعمان بحبسه والتضيق عليه. فقال في السجن أشعاراً كثيرة يستعطف النعمان فيها، منها قوله:
أبلغ النعمان عني مألكاً ... أنه قد طال حبسي وانتظاري
لو بغير الماء حلقي شرق ... كنت كالغصان بالماء اعتصاري
قاعداً يكرب نفسي بثها ... وحراماً كان حبسي واحتقاري