الحور العين (صفحة 195)

ولست بقائم كالغير أدعو ... مع الأصباح حي على الفلاح

ولكني سأشربها شمولا ... وأسجد قبل منبلج الصباح

وغير هؤلاء ممن رمي بالزندقة، وهم كثير، واختصارهم أولى من ذكرهم، إلا أنا ذكرناهم عند ذكر الوليد بن يزيد وما كان من كفره.

وكان الوليد بن يزيد، أحد خلفاء بني أمية، فلما أعلن بالكفر خرج عليه ابن عمه، يزيد بن عبد الملك، وهو الذي يقال له: الناقص، وخرجت معه الغيلانية، وهم يقولون بالعدل والتوحيد، فقتل الوليد، وولي الأمر بعده وسمي الناقص، لأنه نقص الجند من أرزاقهم.

وكان يزيد بن الوليد صالحاً، مرضي السيرة، ولم يكن من خلفاء بني أمية مثله، ومثل عمر بن عبد العزيز.

فلما استولى يزيد على الأمر، قام في الناس خطيباً، فقال - بعد أن حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم -: والله ما خرجت أشراً، ولا بطراً، ولا حرصاً على الدنيا، ولا رغبة في الملك، وما أطري نفسي وإني لها لظلوم، ولكني خرجت غضباً لله، ولدينه، وداعياً إلى كتاب الله، وسنة نبيه، لما هدمت معالم الهدى، وأطفئ نور أهل التقى، وظهر الجبار العنيد، المستحل لكل حرمة، والراكب لكل بدعة، مع أنه والله ما كان ليؤمن بيوم الحساب، وأنه لابن عمي في الحسب وكفيئي في النسب، فلما رأيت ذلك استخرت الله في أمري، وسألته ألا يكلني إلى نفسي، واستعنت من أطاعني من أهل ولايتي،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015