ولا المرجى من الخارجي، فكانت بيعته عليه السلام مشتملة على فرق الأمة، مع اختلافها، ولم يشذ عن بيعته إلا هذه الطائفة العلية التوقيف.
قال: ومن الواضح الذي لا إشكال فيه، أن زيد بن علي، يذكر مع المتكلمين إن ذكروا، ويذكر مع الزهاد إن ذكروا، ويذكر مع الشجعان وأهل المعرفة بالضبط والسياسة، وكان أفضل العترة، لأنه كان مشاركاً لجماعتهم في جميع خصال الفضل، ومتميزاً عنهم بوجوه لم يشاركوه فيها.
فمنها: اختصاصه بعلم الكلام، الذي هو أجل العلوم، وطريق النجاة والعلم الذي لا ينتفع بسائر العلوم إلا معه، والتقدم فيه، والاشتهار عند الخاص والعام.
هذا أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ يصفه في صنعة الكلام ويفتخر به ويشهد له بنهاية التقدم، وجعفر بن حارث في كتاب الديانة، وكثير من معتزلة بغداد كمحمد ابن عبد الله الإسكافي وغيره، وينسبون إليه في كتبهم، ويقولون: نحن زيدية.
وحسبك في هذا الباب انتساب المعتزلة إليه، مع أنها تنظر إلى الناس بالعين التي ينظر بها ملائكة السماء إلى أهل الأرض مثلاً، فلولا ظهور علمه وبراعته، وتقدمه كل أحد في فضيلته، لما انقادت له المعتزلة.
وإذا أردت تحقيق ما قلناه فسم بعض تلامذتهم، أو متوسطهم أن ينسب إلى غيره من أهل البيت، ممن لا تحصيل له في رتبة زيد بن علي، ليسمع منه العجائب.
ومن الوجوه التي اختص بها: تميزه عن جماعتهم بفضل الفصاحة والبيان.
ومنها: اختصاصه بعلم القرآن ووجوه القراءات، وله قراءة مفردة مروية عنه.
ومنها: تقدمه بالشجاعة، والرغبة في الجهاد، فقد روى عنه عليه السلام أنه