لم ينصا على رجل بعينه واسمه، فيجعلوه إماماً للناس، وإن الإمامة شورى بين خيار الأمة وفضلائها، يعقدونها لأصلحهم لهم، ما لم يضطروا إلى العقد قبل المشورة، لفتق يخاف حدوثه على الأمة، فإذا خافوا وقوع ذلك، وبادر قوم من خيار الأمة وفضلائها، أو رجلان من عدو لها وأهل الشورى، فعقدوا الإمامة لرجل يصلح لها ويصلح على القيام بها، ثبتت إمامته، ووجبت على الأمة طاعته، وكان على سائر الناس الرضاء.
ثم اختلف الذين أوجبوا الأمامية: هل يجوز كون إمامين، أو أكثر في وقت واحد؟ فقال بعضهم: لا يجوز ذلك، لما فيه من الاختلاف والانتشار.
وقال بعضهم: يجوز كون إمامين وثلاثة، وأكثر من ذلك، في البلدان المتقاربة، في وقت واحد.
ثم اختلفوا في إمامة المفضول: فقال أهل الشورى جميعاً، إلا الشاذ القليل منهم: إن الإمامة لا يستحقها إلا الفاضل الذي يعرف فضله، وتقدمه على جميع الأمة في خلال الخير، إلا أن تحدث علة، أو يعرض أمر يكون فيه نصب المفضول للإمامة: أصلح للأمة، وأجمع لكلمتها، وأحقن لدمائها، وأقطع لاختلافها، ولطمع العدو فيها؛ أو يكون في الفاضل علة، تمنعه من القيام، كالمرض ونحوه؛ فذا كانت الحال كذلك، فالمفضول أحق بها من الفاضل، ولا يجوز أن يولي الفاضل على هذه الحال.
قالوا: ولن يجوز أن يكون المفضول عطلاً من الفقه والعلم، أو معروفاً بريبة، أو سوء، بل يكون خيراً فاضلاً من عداد العلماء، وإن كان في الأمة من هو خير أو أفضل أو أعلم منه.
وقال سليمان بن جرير، والبترية من الزيدية: إذا كان الحال بهذه الصفة،