أمر واحد، بل على أمرين متضادين، وأحد الفريقين مهتد، وهو نحن، والآخر ضال، وهو أنتم". (?)

ونقل القرطبي قول بعض أهل العلم: "وقد علم أنه على هدى، وأنهم على ضلال مبين، ولكنه رفق بهم في الخطاب، فلم يقل: أنا على هدى، وأنتم على ضلال". (?)

ويعلمنا الله هذا الأدب في التعامل مع الآخرين، وهو يؤدب نبيه بقوله: {قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين} (الزخرف: 81)، قال القرطبي: "وقيل: المعنى: قل يا محمد: إن ثبت لله ولد فأنا أول من يعبد ولده، ولكن يستحيل أن يكون له ولد، وهو كما تقول لمن تناظره: إن ثبت ما قلت بالدليل، فأنا أول من يعتقده، وهذه مبالغة في الاستبعاد، أي لا سبيل إلى اعتقاده، وهذا ترقيق في الكلام كقوله: {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} (سبأ: 24)، والمعنى على هذا: فأنا أول العابدين لذلك الولد، لأن تعظيم الولد تعظيم للوالد ". (?)

قال الطبري: " لم يكن على وجه الشك، ولكن على وجه الإلطاف في الكلام وحسن الخطاب، كما قال جل ثناؤه: {قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} (سبأ: 24)، وقد علم أن الحق معه، وأن مخالفيه في الضلال المبين ". (?)

ومثله صنيع إبراهيم عليه السلام من قبل، حيث قال لقومه: {فلما جن عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين - فلما رأى القمر بازغاً قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين - فلما رأى الشمس بازغةً قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريءٌ مما تشركون} (الأنعام: 76 - 78).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015