رضي الله عنه كان في قوم وهم يقرؤون القرآن، فذهب لحاجته، ثم رجع وهو يقرأ القرآن، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين! أتقرأ القرآن ولست على وضوء؟ فقال له عمر: ومن أفتاك بهذا! أمسيلمة؟ ".
فالجواب: أن هذه الآثار تقتضي جواز الاجتماع لقراءة القرآن على معنى الدرس له والتعلم والمذاكرة، وذلك يكون بأن يقرأ المتعلم على المعلم، أو يقرأ المعلم على المتعلم، أو يتساويا في العلم، فيقرأ أحدهما على الآخر على وجه المذاكرة والمدارسة، هكذا يكون التعليم والتعلم؛ دون القراءة معا.
وجملة الأمر أن هذه الآثار عامة في قراءة الجماعة معا على مذهب الإدارة، وفي قراءة الجماعة على المقرئ.
وقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} خاص في وجوب الإنصات عند القراءة.
فإن قيل: الآية خاصة في وجوب الإنصات عند القراءة؛ عامة في المحل، فيخص عمومها، وتحمله على صلاة الجهر وعلى الخطبة؛ بدليل حديثه الخاص، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «ما اجتمع قوم يتلون كتاب الله ويتدارسونه....» !
قلنا: حديثكم أيضا خاص من وجه، عام من وجه، فخصوصه في تدارس القرآن، وعمومه في وجه التدارس، إذ لم يبين على أي وجه يتلونه ويتدارسونه؛ لأن التدراس يحتمل ما قلتم وقلنا، فنفس الإنصات خصوص غير محتمل، وإنما عمومه في شيء آخر، فأما التلاوة والتدارس؛ فعام في نفسه على ما ذكرناه، فيمضي عليه خصوص آيتنا.