قال: " ولا حرج على متكلم وقارئ يقرأ ".
قال ابن شعبان: " هذا إجماع الأمة، ففيه دليل على قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} في الصلاة "!
قلنا: معنى هذا إذا قعد جماعة لمعايشهم وأشغالهم، فابتدأ أحدهم بالقراءة من غير إذنهم؛ فليس عليهم أن يستمعوا له، ولهم أن يتكلموا فيما يعنيهم؛ لأن القارئ قد آذاهم وقطعهم عن منافعهم وتجارتهم؛ فقد فعل مكروها.
فأما إذا اجتمع القوم للتلاوة والعبادة، أو قرأ القارئ بإذن الجماعة، أو مر الناس إلى مجالس القراء؛ فعليهم أن ينصتوا للقارئ، ولا يتكلموا.
فهذا المراد بقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} .
ألا ترى أن في الخطبة وفي الإمام إذا جهر في الصلاة، ولا يقرأ المأموم ولا يتكلم! وإن كان - أو جاء - رجل يعظك ويقرأ القرآن بحضرتك من غير أن تامره بذلك؛ لم يجب عليك الاستماع، وكان لك أن تتكلم فيما يعنيك.
فإن قيل في الصلاة والخطبة: هما واجبان، فكان الاستماع والإنصات واجبين، فأما اجتماع الجماعة للتلاوة فليس بواجب، فلم يكن الإنصات فيه واجبا، فنشأ منه جواز القراءة بالإدارة!
قلنا: وإن لم يكن واجبا؛ إلا أن تلاوة القرآن فضيلة ومنقبة، واستماعه أيضا فضيلة، فإذا كان أصل القراءة على وجه مأمور به مندوبا إليه؛ جاز أن يكون الاستماع مأمورا به مندوبا إليه.
وقد علل القاضي أبو الوليد المنع من قراءة الإدارة؛ قال: " إنما كرهه مالك للمجاراة في حفظه والمباهاة بالتقدم فيه ".