ثم وصل بعده، الملك المشمر خضر بن صلاح الدين صاحب دمشق ومعه ستمائة فارس، وتلقي ودخل البلد وخلع عليه وعلى أصحابه وخرج إلى ظاهر السور، وخرج شرف الدين أقبال الشرابي أيضاً إلى مخيمه وتكملت العساكر عنده، فأمرهم المسير إلى لقاء المغول فساروا في شوال، وكانت عدتهم سبعة آلاف فارس، فوصلوا قريباً من جبل خانقين، فبلغ جمال الدين بكلك، أن عدة عساكر المغول خمسة ألف فارس، فسار ليله أجمع ليدركهم نازلين فكبسهم فلما أسفر الصبح، عبر هو والأمراء الذين معه والعسكر قنطرة هناك فلما تكاملوا عبور القنطرة، بان لهم غبار عساكر المغول وهم سائرون نحوهم فواقعوهم على تعب وسهر، واقتتلوا قتالاً شديداً وانكسرت ميمنة المغول وميسرتهم ولم يبق إلا القلب فحينئذ ظهرت كوامن كانت لهم وأحاطوا بعسكر بغداد وكانوا قد لحجوا وراء المنهزمين، فانهزمت حينئذ عساكر بغداد وقتل منهم خلق كثير فالتجأوا إلى دجلة؟ قريبة من موضع الوقعة فهلك معظمهم جوعاً وعطشاً، وعاد من سلم منهم إلي بغداد، وقتل جمال الدين بكلك وطبرس وطغرل الحلبي وقيصر الظاهري وبهاء الدين علي الأربكي وكيكلدي بن قرغوي، وجماعة من كبار الزعماء يطول ذكرهم، وكانت هذه الوقعة يوم الخميس ثالث ذي القعدة، ووصل الخبر على جناح طائر يوم الجمعة رابعه، فانقلب البلد وماج بأهله ووصل أثر الطائر أهل طري خراسان، والبندنيجين، وغيرهم منتزحين عن أوطانهم، وقدم ابن أبي عيسى صدر المخزن ومشرفه والعمال والنواب، وكثر الرهج وضج الناس، فتقدم الخليفة إلى كافة الأمراء بالتبريز وفتحت أبواب السور، فخرجوا في تلك الليلة وخرج الشرابي، وخيموا جميعهم بالقرب من الملكية، وخرج الخليفة لينظر المخيم والعسكر، فبلغ الشرابي ذلك فركب عجلا للقائه، فظن الناس أن ركب الشرابي لأمر حدث، فركب العسكر منزعجين ووصل الخبر إلى عوام البلد وخواصه، فخرج أكثرهم متسلحين، فلما عرفوا حقيقة الحال سكنوا واطمأنوا، أما المغول فإنهم حازوا الغنائم وعادوا راجعين من خانقين وراسلوا الخليفة فوصل رسولهم في ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وستمائة، فانفذ العدل جعفر بن محمد بن عباس البطائحي ناظر التركات، صحبة الرسول الوارد من جرماغون مقدمهم، وكان عوده في سنة سبع وثلاثين. واجتمع به بالقرب من قزوين، وأذن للشرابي والأمراء والعساكر بالدخول إلى البلد، فدخلوا في آخر ربيع الآخر،،لم يحج أحل في هذه السنة أيضاً.