الجدد). فالداروينية تعني (البقاء للأصلح)، وهي متوحشة وتعبر عن توحشها في الاقتصاد عن طريق حصر التنافس, بين الشركات الكبرى, وقتل الصغرى. وفي السياسة تحصر التنافس بين الدول فتطيح الكبرى بالصغرى ـ أيضاً. ويرصد (سورس) جذور الداروينية الأميركية الحاكمة في (مشروع القرن الأميركي الجديد) , الذي صاغته عام 1997 م مجموعة من المحافظين الجدد دعوا فيه إلى انتقال أميركا إلى مرحلة الهجوم والسيطرة العالمية من دون تحفظ، من أجل الحفاظ على الموقع القيادي لها في القرن الحادي والعشرين.
أميركا ـ بحسب المشروع ذاك ـ يجب أن تنطلق لتحقيق أهدافها غير آبهة باعتراض الأمم الأخرى، وهي لن تتوقف كثيراً عند مسألة التعاون مع الدول أو الأمم المتحدة, إن هي رأت أن مصالحها يمكن أن يتم تحقيقها من دون ذلك. وعلى أميركا أن تواجه بالقوة العسكرية والحزم أي دولة تتحداها، وعليها أن تثبت أن بمقدورها القيام بذلك من دون تردد. وتوج المشروع بوثيقة يوردها (سورس) في كتابه عنوانها (بيان المبادئ). ولا تتمثل خطورتها في نبرتها الهجومية والشبق نحو السيطرة فحسب، بل في مجموعة الأسماء الموقعة عليها. فهي تحتوي على شخصيات أصبحوا فيما بعد هم الحكام المباشرين للولايات المتحدة في إدارة بوش، ومن ضمنهم: نائب الرئيس (ديك تشيني)، ووزير الدفاع (دونالد رمسفيلد)، ونائبه (بول ولفويتز)، وغيرهم ممن أصبحوا مستشارين ومقربين، إضافة إلى عدد من مفكري اليمين المشهورين مثل (فرانسيس فوكوياما) (?) و (دونالد كيغان) (?).
ولكن بيان (المبادئ) والمشروع الذي يحمله، كان بحاجة ماسة إلى ظرف تاريخي كي تقتنصه, فتنقل من أفكار على الورق إلى تطبيق على الأرض، وهذا ما وفرته تفجيرات 11 سبتمبر على طبق من ذهب (?). فالذي حدث كما يقول (سورس) أن (داروينيي) إدارة بوش لم يضيعوا دقيقة واحدة وهم يفركون أيديهم غبطة على