الجذور الاجتماعية
ثمة بعداً اجتماعياً لا بد أن يُشار إليه في هذا السياق، وهو يتجلى في ملامح كثيرة أبرزها النظرة إلى (الآخر) بازدراء واحتقار، والرغبة في إبادته (?)؛ فالفكرة الأساسية التي تدعمها هذه الميليشيات بهدف اجتذاب أعضاء لها، هي أن الحكومة ستشن حرباً على الأمريكيين البيض، خصوصاً (الأنجلوساكسون)، الذين يسمون أنفسهم (المسيحيين الحقيقيين)، ويدّعون أن هذه الحرب ستكون لصالح الزنوج والأقليات والمهاجرين والروس والصينيين ... بل ويتمادون في تخيل أن "الحكومة تبيع البلاد لسلطة عالمية تنفذ مؤامرة، هدفها تدمير الرجل الأبيض". ولهذا أخذت هذه المليشيات على عاتقها مهمة الدفاع عن أمريكيا، لأنها تزعم أنها أكثر حرصاً على أمريكا من الحكومة نفسها، التي يرون أنها عميلة خائنة حتى النخاع .. تستحق ما يحدث لها، لأنها تصل في خيانتها إلى حد (إعلان الحرب على الأمريكيين).
كما أن وجهاً آخر من وجوه الدور الاجتماعي لنشأة هذه التيارات، أنها تلجأ ـ أو هكذا تستشعر حقيقةـ إلى تخويف الأمريكان على مستقبلهم وأولادهم ... "إنكم أيها الأمريكيون لا تسيطرون على حياتكم وأطفالكم وبيوتكم، فالحكومة تسحقكم، وتُحكِم سيطرتها على كل شيء ... استعدوا للدفاع عن حريتكم، فيوم قريب سيأتي سيكون الرصاص في نفاسة الذهب والفضة" (?).
وفي سبيل تكريس هذا التصور يعمد كثير من أعضاء هذه الميليشيات إلى الانعزال عن المجتمع، وتكوين مجتمعات صغيرة منعزلة في الضواحي والقرى، وداخل أماكن مغلقة يتناوبون الحراسة عليها، وتضم زوجاتهم وأولادهم، الذين تصدر لهم أوامر واضحة بمقاطعة برامج التليفزيون، لأنه يمثل رمزاً للمجتمع الأمريكي البغيض ... فجيمس جريتز يعيش وسط ولاية إيداهو مع مجموعة من