ففي الخمسينات من القرن التاسع عشر، في أعقاب الحرب المكسيكية، تعلق قادة أمريكا في حماس شديد بفضائل التوسع وضرورته، وأعلن الرئيس (فرانكلين بيرس) في خطاب بدء ولايته عام 1853م إن إدارته، لن تتحكم فيها أية هواجس شريرة رعديدة تحول دون التوسع. وأعلن جيمس بوكانان، الذي خلفه، إن التوسع هو سياسة المستقبل لبلادنا (?). ففي النصف الأول من القرن التاسع عشر حيث كان الخطاب الرسالي التبشيري لا يزال قوياً ومسلحاً بحجة حماية القارة الأميركية ومساعدتها على إنهاء الاستعمار الأوروبي، خاضت أميركا حوالي 14 حرباً باسم الدور الرسالي والأخلاقي، لعبت دوراً رئيسياً في انحسار الدور الأوروبي في تسيير شؤون العالم واستبداله بدور أميركي صاعد (?).

وهكذا بدأت أمريكا بالتخلى عن سياسة العزله، وبدأت التدخل في شؤون القارة والعالم، وبدأ غزو الولايات المتحدة لأميركا اللاتينية في منتصف القرن الثامن عشر، ضمن مشروع تحرير أميركا اللاتينية، وهو المشروع الذي لقي تجاوباً من بعض دول أميركا اللاتينية نفسها، وهو من أفدح أخطاء تلك الدول كما يقول (سالينغر)، لأنه أعطى الأميركيين الفرصة للتدخل في شؤونهم. بدءاً من احتلال هاواي وضمها للولايات المتحدة، ومروراً بكوبا والهيمنة على بورتوريكو وهندوراس وغواتيمالا، ثم الأنموذج الأنصع للإمبريالية الأميركية في بنما (?).

ففي عام1833م قامت القوات الأمريكية بغزو نيكاراجوا، وفي عام 1835م دخلت هذه القوات إلى بيرو، وفي عام 1846م احتلت القوات الأمريكية أرضاً طالبت بها المكسيك ـ وهي ما تعرف الآن بولاية تكساس ـ وبهذا أثيرت الحرب المكسيكية، وفي أعقاب انتصار سنة 1848م ضمت الولايات المتحدة تلك الأرض بالإضافة إلى كاليفورنيا ونيومكسيكو. وفي سنة 1854م دمر المارينز الأمريكي ميناء جراى تاون في نيكارجوا انتقاماً من أبعاد الوزير الأمريكي الذي كان في زيارة لتلك البلاد، وبعد ذلك بعام غزت القوات الأمريكية اورغواى، ثم قامت بغزو قناة بنما، وفي عام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015