والتكرار وغيرها من الأمور، لإجبار العالم على تقبل مزاعمها، أي باختصار محاولة غسل دماغ العالم. ولخطورة مفهوم غسيل الدماغ، فإننا سنلقى عليه الضوء بصوره مختصره، لنتعرف على هذا المفهوم وتقنياته وأساليبه، وعلى القارئ مقارنتها بما جرى على ارض الواقع ليتأكد إلى أي حد نجحت أمريكا في غسل دماغ العالم من خلال استخدامها المكثف لأساليب غسل الدماغ وتقنياته.
غسيل الدماغ (?)
لقد أضحت صناعة الوعي، أو تصنيع العقل وصياغة ثقافات الشعوب، فناً دولياً أو تقنية تملك زمامها الولايات المتحدة، أو الشركات متعدية القوميات. ومن سخرية الأقدار أن تطالب هذه الشركات بإلحاح - بحقوق الإنسان في جميع البلدان، وتدعو إلى عقل حر، ولكن بمعنى: عقل متحرر من ثقافته القومية، وانتمائه القومي، وأهدافه القومية، أي نبتاً بغير جذور، وصفحة بيضاء تملؤها هي بما تشاء من معلومات، وتتولى هي محو ما فيها بداية، ثم تصب فيها ما تشاء من خلال برامجها. وأداتها في ذلك التلفزيون والسينما والكتب والصحف والأنباء والإعلانات الموجهة والمرسومة، خصيصاً لهذا الغرض، والعلاقات العامة و (الموضة)، وكذلك إنشاء جماعات سياسة ودينية واجتماعية، بل وخلق بدع دينية أو اتجاهات تحمل طابعاً ديناً لإثارة الشقاق والفتن، وتصدير قضايا ومذاهب فكرية تثير الخلاف، وتستنزف الجهد. ثم هناك برامجها وسياساتها الخاصة بمؤسسات ثقافة الطفل، وكلها لصوغ عقول الناشئة داخل البيت وفي الطريق، وفي المحال العامة وداخل المدرسة. وهكذا يتحول الغزو الفكري أو التضليل الإعلامي إلي أداة للقهر والترويض وإخضاع الشعوب (?).
فالإعلام الأمريكي تحول إلى أداة طيعة في أيدي الشركات الاحتكارية الكبرى، ورجال الحكم المتحالفين معها مما أفقدها ثقة الجمهور، وجعل المجتمع الأمريكي ينصرف عن المشاركة في الحياة العامة والانتخابات خاصة، كما حصل في انتخابات الكونجرس عام 1994م حيث لم يشارك سوى 14% من الناخبين، مما يعني أن