لكن ذلك لم يفت في عضد المسلمين، أو يسرب اليأس إلى نفوسهم، أو يوهن من عزائمهم تجاه الدولة البيزنطية الرابضة على حدودهم الشمالية؛ فقد استمر الضغط على أطرافها طوال العهود التالية، من خلال بعثات الصوائف والشواتي التي اضطلعت بالقيام بهذه المهمة بنجاح 1. وظل هاجس الفتح حياً في نفوس المسلمين إلى أن تحقق لهم بفضل الله تعالى في سنة 857هـ على يد السلطان العثماني محمد الفاتح رحمه الله تعالى.
- أثبت المسلمون كفاءتهم الحربية وقدراتهم القتالية وروحهم الجهادية العالية أمام هذا العدو البعيد الدار، وذلك من خلال المناوشات التي حدثت أثناء الحصار، كما برهنوا على مقدرتهم على تحمل الصعاب والمشكلات والظروف مهما كانت قاسية وعسيرة وشاقة.
- ولا شك أن إخفاق المسلمين في الفتح رفع من معنويات الطرف الآخر، وتجددت آماله في القدرة على المواجهة والتحرش بالمسلمين؛ فمن ذلك تجرؤهم في الإغارة على ثغر اللاذقية في سواحل الشام سنة 100هـ 2.
- ومن جانب آخر فبعدَ هذه الحملة غض البيزنطيون الطرف عن موقع آخر كانوا يحاولون استعادته من المسلمين، وهو شمالي أفريقية، وركزوا اهتمامهم على أن تكون عاصمتهم بعيدة المنال عن أيدي المسلمين 3.