عندما ألظّ بأهلها الحصار استنجاد إمبراطورهم اليون بملك البرجان؛ ترفل Tervel، وتخويفه من المسلمين، فتحرك هذا الأخير وأوقع بالمسلمين وقعة عظيمة في مخادعة منه كما سنرى بإذن الله تعالى.
وقد وردت إشارات موجزة لدى بعض المؤرخين الأقدمين تومئ إلى ما حصل بين المسلمين وبرجان؛ كما عند الطبري رحمه الله تعالى فيما رواه عن الواقدي؛ حيث ذكر في أحداث سنة 98? إغارة برجان على مسلمة بن عبد الملك وهو في عدد قليل من المسلمين، فطلب المدد من أخيه سليمان فأمده، وذكر مكر الصقالبة، ثم هزيمتهم بعد ذلك، وفتح المسلمين لمدينتهم1.
لكن التفصيل الشافي لتلك الأحداث هو ما رواه ابن عساكر رحمه الله تعالى بسنده عن شاهدي عيان مشاركين هما الليث الفارسي وأبو سعيد المعيطي2، وهذه الرواية أقرب ما تكون إلى الحقيقة لقرب رواتها من الحدث، وللتجرد من الهوى؛ فليس هناك ما يدعو إليه، وملخص هذه الرواية:
أن اليون كتب إلى صاحب برجان بعد أن اشتد عليه الحصار وخاف ظهور المسلمين يخبره بنزولهم على بلده ويستصرخه لنجدته وقال مخوفاً له إنهم: “إنما يقاتلون الأقرب فالأقرب والأدنى فالأدنى..” 3. وقد استجاب ملك برجان لهذا النداء سريعاً، ونظراً لأن مسلمة لم يعلم بخبر هذه المراسلة فقد أظهر له ملك برجان في كتاب إليه فرحه بغزو المسلمين لبلاد الروم، وعرض عليه المساعدة، فكتب مسلمة إليه بحاجته إلى الميرة والسوق فقط، فاهتبل الملك هذه