جيوش الْمَنْصُور ثمَّ خرج بِنَفسِهِ فِي اتّباعه من المهدية يَوْم الْأَرْبَعَاء لسبع بَقينَ من شَوَّال وَهُوَ فِي قلَّة من عُبَيْدَة وخدمه حَتَّى انْتهى إِلَى سوسة فَنزل بظاهرها وبلغه أَن أهل القيروان لما قصدهم أَبُو يزِيد مفلولاً سبّوه وَمنعُوا أَصْحَابه دُخُول الْبَلَد وَقتلُوا جمَاعَة مِمَّن دخل مِنْهُم فَكتب إِلَيْهِم كتابا يؤمنهم وَلم يعد الْمَنْصُور من وجهته هَذِه حَتَّى أمكنه الله من أبي يزِيد بعد محاصرته بالقلعة الَّتِي لَجأ إِلَيْهَا وَكَانَ يَقُول فِي سَفَره كُله إِن أَنا لم آخذ أَبَا يزِيد وأسلخه فلست بِابْن فَاطِمَة وَلست لكم بِإِمَام
وأظلّ عيد الْأَضْحَى من سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَهُوَ مُحِيط بِأبي يزِيد فِي قلعته فَركب إِلَى الْمصلى فصلى بِالنَّاسِ ثمَّ خطب وعرّفهم فِي خطبَته بِمَوْت أَبِيه الْقَائِم وَنحر بَدَنَة بِيَدِهِ وَانْصَرف إِلَى مضربه وَانْصَرف النَّاس مسرورين بخلافته موقنين بيمن نقيبته وبركة دَعوته وَكتب أهل الْعَسْكَر إِلَى من وَرَاءَهُمْ بالقيروان والمهدية فشملهم السرُور
وَدخلت سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ فَفِي الْمحرم مِنْهَا ظفر الْمَنْصُور بِأبي يزِيد بعد مواقفات لَا يَفِي بهَا الْوَصْف وقيّد إِلَيْهِ مُثقلًا بالجراح فَأمر بِحمْلِهِ إِلَى المضرب وَهُوَ يجود بِنَفسِهِ لمابه
وَلَيْلَة الْخَمِيس آخر الْمحرم هلك عَدو الله فسلخ وَحشِي جلده بالتبن حَتَّى ظَهرت صورته وَلما فرغ من فعله ذَلِك بِأبي يزِيد وَحَضَرت صَلَاة الظّهْر تقدم