الظَّاهِرَة والمحامد المتظاهرة لَا زَالَت منحها صوراً مجلوة ومدحها سوراً متلوة فأوّلهم وأولاهم بالتقديم للاشتراك فِي شرف الْأُبُوَّة والانفراد بكرم الأخوّة
159 - أَبُو زيد عبد الرَّحْمَن ابْن الشَّيْخ الْمُجَاهِد المقدّس أبي مُحَمَّد
ولى بعد أَبِيه رضوَان الله عَلَيْهِ إفريقية فِي غرَّة الْمحرم سنة ثَمَان عشرَة وسِتمِائَة وإثر دَفنه فِي الْيَوْم الَّذِي توفّي فِيهِ وَذَلِكَ ضحى يَوْم الْخَمِيس منسلخ شهر ذِي الْحجَّة من السّنة قبلهَا فَكَانَ لَهُ الْأَثر الحميد والصيت الْبعيد وَبلغ فِي السماح والبأس مَا لَيْسَ عَلَيْهِ مزِيد ثمَّ صرف وانتقل إِلَى الْمغرب وَولى بطليوس وثغورها بالأندلس وَلحق بمرّاكش بعد ذَلِك فاستشهد هُنَالك سنة خمس وَعشْرين وسِتمِائَة وَهُوَ الْقَائِل من قصيدة فِي شكاية أَصَابَت أَبَاهُ لَا زَالَ صوب الْغَمَام يسْقِي ثراه
(يَا دهر مَالك ضَاحِكا وعبوساً ... أتعيرنا بعد النَّعيم البوسا)
(وَلَقَد عهدتك ضَاحِكا متهللاً ... تهدي الْقبُول وتبذل التأنيسا)
(أتراك تجزع من شكاية ماجد ... أضحى لزهر النيّرات جَلِيسا)
(ملك تدرّع من عناية ربّه ... درعاً غَدَتْ للْعَالمين لبوسا)
(لَو جَاءَهُ عِيسَى بزيّ معالج ... قصدا لأفحم بالتوكّل عِيسَى)
(سَاس الزَّمَان فَكَانَ من عبدانه ... والصعب منقاد إِذا مَا سيسا)