الحله السيراء (صفحة 488)

هَذَا الْفَتى وَارِث ذَلِك الْعَمَل لِأَبِيهِ وَكَانَ أَبوهُ من بَيت الشّرف والحسب والجاه وَالنعْمَة والاتصال الْقَدِيم بسُلْطَان الْجَمَاعَة وَكَانَ لَهُ ولسلفه إِلَى إِسْمَاعِيل بن عبّاد جدّ المعتضد وَسَائِل وأذمّة خلّفاها فِي الأعقاب اغترّ بهَا عبد الْعَزِيز الْبكْرِيّ فبادر الْبعْثَة إِلَى المعتضد سَاعَة دخل لبلة يهنئه بِمَا تهَيَّأ لَهُ مِنْهَا وذكّره بالذّمام الْمَوْصُول بَينهمَا واعترف بِطَاعَتِهِ وَعرض عَلَيْهِ التخلي عَن ولبة وَإِقْرَاره بشلطيش إِن شَاءَ فَوَقع ذَلِك من المعتضد موقع إِرَادَة ورد الْأَمر إِلَيْهِ فِيمَا يعزم عَلَيْهِ وَأظْهر الرَّغْبَة فِي لِقَائِه وَخرج نَحوه يَبْغِي ذَلِك فَلم يطمئن عبد الْعَزِيز إِلَى لِقَائِه وتحمّل بسفنه جَمِيع مَاله إِلَى جَزِيرَة شلطيش وتخلى للمعتضد عَن ولبة فحازها حوزه للبلة وَبسط الْأمان لأَهْلهَا وَاسْتعْمل عَلَيْهَا ثِقَة من رِجَاله ورسم لَهُ الْقطع بالبكري وَمنع النَّاس طراًّ من الدُّخُول إِلَيْهِ فَتَركه محصوراً وسط المَاء إِلَى أَن ألْقى بِيَدِهِ من قرب وَلم يعزب عَنهُ الحزم فَسَأَلَ المعتضد أَن ينْطَلق انطلاق صَاحبه فأمّنه وَلحق بقرطبة

وبوشر مِنْهُ رجل سريّ عَاقل عفيف أديب يفوت صَاحبه ابْن يحيى خلالاً وخصالاً إِلَى زِيَادَة عَلَيْهِ بِبَيْت السرو والشرف وبابن لَهُ من الفتيان بذّ الأقران جمالاً وبهاء وسرواً وأدباً وَمَعْرِفَة يكنى أَبَا عبيد

وتحدث النَّاس من حزم عبد الْعَزِيز يَوْمئِذٍ أَنه لما احتل شلطيش علم أَنه لَا يُقَاوم عبّاداً فَأخذ بالحزم أَولا وتخلى لَهُ عَنْهَا بِشُرُوط وفى لَهُ بهَا فَبَاعَ مِنْهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015