حَضرته وأنزله وَقدم طَعَاما ثمَّ قعد بِبَاب الْمجْلس ملازماً لَهُ إِلَى اللَّيْل والمتوكل محتشم مِنْهُ فَخرج أَبُو مُحَمَّد لمّا أبرمه إِلَى بعض أَصْحَابه وَقد أعد لَهُ مجْلِس أنس فَقعدَ يشرب مَعَه وَقد وجّه من يرقب انْفِصَال ابْن مقانا فَلَمَّا عرّفه بذلك بعث إِلَى المتَوَكل بقطيع خمر وطبق ورد وَكتب مَعَهُمَا
(إليكهما فاجتلها منيرة ... وَقد خبا حَتَّى الشهَاب الثاقب)
(واقفة بِالْبَابِ لم تَأذن لَهَا ... إِلَّا وَقد كادلب ينَام الْحَاجِب)
(فبعضها من المخاف جامد ... وَبَعضهَا من الْحيَاء ذائب)
فقبلها وَكتب إِلَيْهِ
(قد وصلت تِلْكَ الَّتِي زففتها ... بكرا وَقد شابت لَهَا ذوائب)
(فهبّ حَتَّى نستردّ ذَاهِبًا ... من أنسنا إِن استردّ الذَّاهِب)
وقرأت فِي كتاب الذَّخِيرَة لِابْنِ بسام أَخْبرنِي الْوَزير أَبُو طَالب بن غَانِم قَالَ لَا أنسى وَالله خطّ المتَوَكل بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ فِي ورقة بقلة الكرنب وَقد كتب إليّ بهما من بعض الْبَسَاتِين
(انهض أَبَا طَالب إِلَيْنَا ... واسقط سُقُوط الندى علينا)
(فَنحْن عقد بِغَيْر وسطي ... مَا لم تكن حَاضرا لدينا)
وَحكى غَيره أَنه كتبهما بِطرف غُصْن وروى الْبَيْت الأول
(أقبل أَبَا طَالب إِلَيْنَا ... وَقع وُقُوع الندى علينا)