وَأَبُو جَعْفَر مَعْدُود فِي الكملة من الْمُلُوك وَكَانَ يفرط فِي دَعْوَاهُ الِاطِّلَاع ويقرط بتقريظ نَفسه الأسماع فَمن قَوْله فِي بعض خطبه الْمُلُوك أَرْبَعَة مُعَاوِيَة وَكَفاهُ زياده وَعبد الْملك وَكَفاهُ حجاجه وَهِشَام وَكَفاهُ موَالِيه وَأَنا وَلَا كافى لي وَلما عزم على الفتك بِأبي مُسلم صَاحب دولتهم والقائم بدعوتهم وَقد حذر من عَاقِبَة ذَلِك كتب إِلَيْهِ عِيسَى بن مُوسَى بن على ابْن عبد الله بن الْعَبَّاس مُشِيرا عَلَيْهِ بالأناة وَكَانَ قد شاوره فِيهِ
(إِذا كنت ذَا رَأْي فَكُن ذَا تدثر ... فَإِن فَسَاد الرَّأْي أَن يتعجلا)
فَقَالَ الْمَنْصُور يجِيبه
(إِذا كنت ذَا رَأْي فَكُن ذَا عَزِيمَة ... فَإِن فَسَاد الرَّأْي أَن يترددا)
(وَلَا تهمل الْأَعْدَاء يَوْمًا بقدرة ... وبادرهم أَن يملكُوا مثلهَا غَدا)
وَينظر إِلَى هَذَا قَول عبد الله بن المعتز
(وَإِن فرْصَة أمكنت فِي العدا ... فَلَا تبد فعلك إِلَّا بهَا)
(فَإِن لم تلج بَابهَا مسرعا ... أَتَاك عَدوك من بَابهَا)
(وَإِيَّاك من نَدم بعْدهَا ... وتأميل أُخْرَى وَأَنِّي بهَا)
وَقَالَ الْمَنْصُور
(تقسمني أَمْرَانِ لم أفتتحهما ... بحزم وَلم تعرك قواى الْكَرَاكِر)
(وَمَا ساور الأحشاء مثل دفينة ... من الْهم ردتها عَلَيْك المصادر)
(وَقد علمت أَبنَاء عدنان أنني ... لَدَى مَا عرا مقدامة متجاسر)