الحله السيراء (صفحة 235)

وَحكى ابْن حَيَّان أَن مُوسَى بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن حدير عَم الْحَاجِب مُوسَى هَذَا وَهُوَ الْمَعْرُوف بالزاهد كَانَ مِمَّن يكثر مجالسة الْأَمِير عبد الله ويصل مؤانسته وَكَانَ حَدثا ظريف الْمُشَاهدَة مليح الْعبارَة إخبارياً ممتعاً حفظَة لأخبار دولة موَالِيه بني أُميَّة مفتناً مفوهاً بليغاً يقْرض أبياتاً من الشّعْر حَسَنَة بديهة وروية قَالَ فَشهد مجْلِس مذاكرة الْأَمِير عبد الله يَوْمًا وَهُوَ حافل بِأَهْل الْأَدَب والمعرفة وَقد أفاضوا فِيمَا كَانُوا يفيضون فِيهِ من أَبْوَاب المذاكرة حَتَّى مر ذكر الشيب وذمه وَكَانَ الْأَمِير عبد الله شَدِيد التكره لَهُ فَقَالَ لجلسائه أَي شَيْء تروونه فِي ذمّ الشيب أبلغ فَلم يحضر أحدهم شَيْء إِلَّا مُوسَى بن مُحَمَّد هَذَا فَقَالَ أحسن مَا قيل فِيهِ عِنْدِي قَول الأول

(أَقُول لضيف الشيب إِذْ حل مفرقي ... نصيبك منى جفوة وقطوب)

(حرَام علينا أَن تنالك عندنَا ... كَرَامَة بر أَو يمسك طيب)

فاستحسنهما الْأَمِير وَقَالَ لَهُ اكتبهما يَا مُوسَى وزد فيهمَا إِن كَانَت فيهمَا عنْدك زِيَادَة فَقَالَ لَا وَالله يَا سَيِّدي مَا عِنْدِي فيهمَا مزِيد وتبطأ الوصيف بإحضار الدرج والدواة لمُوسَى بن مُحَمَّد ومُوسَى مطرق أَن يَتَأَتَّى لَهُ القَوْل فِي الزِّيَادَة الَّتِي استمطرها مِنْهُ الْأَمِير فَقَالَ قد جَاءَنِي يَا سَيِّدي بسعدك بعض الَّذِي أردته واندفع فوصل الْبَيْتَيْنِ بقوله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015