فعجبنا له. وقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ، يخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عبد خيَّره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده، وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو المخيَّر، وكان أبو بكر هو أعلمنا به. وقال رسول - صلى الله عليه وسلم -: إن من أمنِّ الناس عليَّ في صحبته وماله أبا بكر، ولو كنت متخذًا خليلًا من أمتي لاتخذت أبا بكر، إلا خُلَّة الإسلام، لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر» (?).
3905 - عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: «لم أعقل أبويَّ قط إلا وهما يدينان الدِّين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طرفي النهار: بكرة وعشية. فلما ابتُلي المسلمون، خرج أبو بكر مهاجرًا نحو أرض الحبشة حتى بلغ برك الغماد لقيه ابن الدِّغِنَة - وهو سيِّد القارة - فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرَجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي، قال ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يُخرج، إنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكَلَّ، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق (?). فأنا لك جار. ارجع واعبُد ربك ببلدك. فرجع، وارتحل معه ابن الدَّغنة، فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش فقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يُخرج، أتخرجون رجلًا يكسب المعدوم، ويصل الرحم،