ومجتمعاتهم، ومجالسهم، وإذا أراد إصلاح الفلاحين والعمال عاش معهم في قراهم ومصانعهم، وإذا أراد أن يصلح المعاملات التجارية بين الناس، فعليه أن يختلط بهم في أسواقهم، ومتاجرهم، وأنديتهم، ومجالسهم، وإذا أراد أن يصلح الأوضاع السياسية، فعليه أن يختلط بالسياسيين، ويتعرف إلى تنظيماتهم، ويستمع لخطبهم، ويقرأ لهم برامجهم، ثم يتعرف إلى البيئة التي يعيشون فيها، والثقافة التي حصلوا عليها، والاتجاه الذي يندفعون نحوه؛ ليعرف كيف يخاطبهم بما لا تنفر منه نفوسهم، وكيف يسلك في إصلاحهم بما لا يدعوهم إلى محاربته عن كره نفس واندفاع عاطفي، فيحرم نفسه من الدعوة إلى الله، ويحرم الناس من علمه (?) وهذا يؤهله إلى أن يُحَدِّثَ الناس بما يعرفون، ولا يحدثهم حديثًا لا تبلغه عقولهم، قال علي - رضي الله عنه-: " حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يُكذَّبَ الله ورسوله " (?).

وقال ابن مسعود - رضي الله عنه-: "ما أنت بِمُحدِّثٍ قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة" (?).

وهكذا ينبغي أن يكوِّن الداعية من تجاربه في الحياة، ومعرفته بشؤون الناس ما يمكنه من اكتساب الحكمة، وتحقيق قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015