الناس، ودخلوا في دين الله أفواجا بفضل الله ثم بحكمة هذا النبي الكريم، وما من خلق كريم ولا سلوك حكيم إلا كان له منه أوفر الحظ والنصيب.
4 - إن أحسن الطرق في دعوة الناس ومخاطبتهم ومجادلتهم طريقة القرآن الكريم، وطريقة النبي صلى الله عليه وسلم، وسوق النص القرآني والحديث النبوي في ألصق الأمور مساسا بها من أعظم الحكم التي من أوتيها فقد أوتي خيرا كثيرا.
5 - إن الحكمة تجعل الداعي إلى الله يقدر الأمور ويعطيها ما تستحقه، فلا يزهد في الدنيا والناس في حاجة إلى النشاط والجد والعمل، ولا يدعو إلى الانقطاع والانعزال عن الناس، والمسلمون في حاجة إلى الدفاع عن عقيدتهم وبلادهم وأعراضهم، ولا يبدأ بتعليم الناس البيع والشراء وهم في مسيس الحاجة إلى تعلم الوضوء والصلاة، فالحكمة تجعل الداعية ينظر ببصيرة المؤمن، فيرى حاجة الناس فيعالجها بحسب ما يقتضيه الحال، وبذلك ينفذ إلى قلوب الناس من أوسع الأبواب، وتنشرح له صدورهم، ويرون فيه المنقذ الحريص على سعادتهم ورفاهيتهم وأمنهم.
6 - إن البصيرة في الدعوة إلى الله هي أعلى درجات الحكمة والعلم، وهذه الخاصية اختص بها النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أصحابه، والمخلصون من أتباعه، وهي أعلى درجات العلماء، وحقيقتها الدعوة إلى الله على علم ويقين وبرهان عقلي وشرعي، وترتكز البصيرة في الدعوة إلى الله على ثلاثة أمور:
(أ) أن يكون الداعية على بصيرة، وذلك بأن يكون عالما بالحكم الشرعي فيما يدعو إليه.
(ب) وأن يكون على بصيرة في حال المدعو حتى يقدم له ما يناسبه.
(ج) وأن يكون على بصيرة في كيفية الدعوة.
7 - إن العلم النافع المقرون بالعمل الصالح، والحلم والأناة من أعظم