فعلم بذلك أن الروح الذي أرسله الله إلى مريم هو روح القدس، وهو الملك جبريل، عليه السلام، وهو مخلوق، وهو الذي خلق المسيح من نفخه ومن مريم، فإذا كان الأصل مخلوقا فكيف الفرع الذي حصل به؟

أما قوله عن المسيح: وروح منه فخص بذلك؛ لأنه نفخ في أمه من الروح، فحملت به من ذلك النفخ، وذلك غير روحه التي يشاركه فيها سائر البشر، فامتاز بأن حملت به من نفخ الروح؛ فلهذا سمي روحا منه (?).

أما إضافة الروح إلى الله في قوله: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} [مريم: 17] فهي إضافة مخلوق إلى خالقه، كقوله تعالى: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} [الشمس: 13] (?). {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: 6] (?) والمضاف إلى الله -تعالى- نوعان:

(أ) إن كان صفة مضافة إلى الله لم تقم بمخلوق: كعلم الله، وقدرة الله، والقرآن كلام الله، وحياة الله، كان صفة لله تعالى.

(ب) وإن كان المضاف عينا قائمة بنفسها أو صفة فيها، أو صفة لغير الله: كالبيت، والناقة، والعبد، والروح كان مخلوقا مضافا إلى خالقه ومالكه.

لكن هذه الإضافة (ناقة الله)، (بيت الله)، (عباد الله)، (روح الله)، إضافة مخلوق إلى خالقه تقتضي التشريف، وبهذا يتبين أنه لا يوجد للنصارى حجة إطلاقا، فسقط قولهم بحمد الله تعالى (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015