المطلب الأول
من مواقف الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى
للإِمام مالك (?) - رحمه الله - مواقف حكيمة مشرفة، منها على سبيل المثال ما يلي:
1 - من أعظم مواقف الحكمة التي وقفها: موقفه مع من سأله عن الاستواء. فقد جاء إليه رجل وقال: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] (?) كيف استوى؟ فما وجد مالك من شيء ما وجد من مسألته، فنظر إلى الأرض, وجعل ينكت بعود في يده حتى علاه الرحضاء (?) ثم رفع رأسه ورمى بالعود، وقال: " الكيف منه غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وأظنك صاحب بدعة " وأمر به فأُخْرِجَ (?).
وهذا موقف حكيم مُسدّد؛ لأنه أجاب بالإِجابة الصحيحة بعد التأمل والتفكر، فكانت هذه الإِجابة قاعدة ثابتة لأهل السنة والجماعة، تُجْرَى عليها صفات الله - تعالى - كلها، فالكيف للصفة مجهول لنا لا نعرف كيفيتها؛ لأن الله لم يخبرنا بالكيفية، والصفة معلومة بدليلها من الكتاب والسنة الصحيحة أو بأحدهما، والإِيمان بالصفة - التي تثبت بالدليل - واجب، والسؤال عن كيفية الصفة بدعة، وليس المراد بنفي الكيفية تفويض المعنى المراد من الصفات، بل كل صفة من صفات الله - تعالى -