ذلك كلّه متواضعًا، وقَّافًا عند حدود الله، وقد كان يقول: أحبّ الناس إلَي من أهدى إلي عيوبي (?) ومن ذلك ما يلي:

(أ) عندما مرَّ بالجابية على طريق إيلياء وجلس عندهم، قيل له: أنت ملك العرب، وهذه بلاد لا تصلح بها الإِبل، فلو لبست شيئًا غير هذا - يعنون قميصه المرقع - وركبت برذونًا (?) لكان ذلك أعظم في أعين الروم، فقال: نحن قوم أعزنا الله بالإِسلام، فلا نطلب بغير الله بديلًا.

ثم سار عمر من الجابية إلى بيت المقدس، وقد تعبت دابته، فأتوه ببرذون فجعل يهملج به، فقال لمن معه: احبسوا، احبسوا، فنزل عنه، وضرب وجهه، وقال: لا علّم الله من علّمَك، هذا من الخيلاء، ما كنت أظن الناس يركبون الشياطين، هاتوا جملي، ثم نزل وركب الجمل، ثم لم يركب برذونًا قبله ولا بعده (?).

(ب) ولما قدم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الشام عرضت له مخاضة، فنزل عن بعيره، ونزع خُفَّيه، وأمسكهما بيده، وخاض الماء ومعه بعيره، فقال له أبو عبيدة: قد صنعت اليوم صنعًا عظيمًا عند أهل الأرض، صنعت كذا وكذا، فصك عمر في صدره، وقال: أَؤَّه، لو غيرك يقولها يا أبا عبيدة، إنكم كنتم أذل الناس، وأحقر الناس، وأقل الناس، فأعزكم الله بالإِسلام، فمهما تَطلُبوا العزة بغيره يُذلّكم الله (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015