إن التأمل في هذه الحادثة العظيمة، يبين لنا مقدار حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم استجابته للاستفزاز، أو الوقوف عند أمر فيه سعة مع أنه يحقق، للمسلمين مكاسب باهرة، وهذا من باب النظر في المصلحتين والسعي لتحصيل أعلاهما، ولذلك جاءت النتيجة بتسمية الله لهذا الصلح فتحا، {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} (الفتح: 1) .
وقادة الدعوة بحاجة إلى وعي هذه الدروس، وعدم الاستجابة لضغط القاعدة إذا كان خلاف الحق، أو أن هناك ما هو أولى مما يريده هؤلاء. {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} (البقرة: من الآية 269) .
ولئلا يتوهم متوهم أن الحكمة تقتضي التنازل دائما إذا كان الأمر في مصلحة الإسلام والمسلمين، كما هو واقع بعض العاملين للإسلام، والمتحمسين للدعوة، ممن ينقصهم العلم الشرعي، وهذا خلل في المنهج، وخطأ في التصرف، وبخاصة أن هؤلاء يحتجون دائما بقصة الحديبية، عند كل تنازل يقدمونه.