حضرني وأنا أكتب هذه السطور كلام عظيم قاله إمام جليل هو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. حيث يقوله:

"وقد قال الناس: أكثر ما يفسد الدنيا 1-نصف متكلم 2- نصف متفقه 3- نصف متطبب 4- نصف نحوي.

هذا يفسد الأديان، وهذا يفسد البلدان، وهذا يفسد الأبدان وهذا يفسد اللسان".

ما أصدق هذا الكلام لأنه كلام داعية مجرب، وقد خالط الناس على اختلاف طبقاتهم وتفاوتهم في الفهم والإدراك، ناظر العلماء فأفحمهم في كل باب من أبواب العلم والمعرفة كما سيأتي الحديث عنه وخاطب الأنصاف وخبرهم وعرف آفتهم وضررهم على المجتمع في دنياهم ودينهم وعقيدتهم بل حتى أبدانهم وألسنتهم ولغتهم، وقديما قيل: "اسأل مجرباً ولا تسأل طبيبا" وطالب العلم الذي يستطيع إذا قرأ كلام عالم من العلماء أن يزن ما أطلع عليه وقرأه بميزان الكتاب والسنة، وكان هدفه الوصول إلى الحق ونصرة الحق ودعوة الناس إلى الحق، لا يقع في مثل هذا التناقض ولا يجرؤ على الله وعلى صفاته مثل هذه الجرأة لأن العلم يورث صاحبه مراقبة الله ومحاسبة النفس في كل ما يفعل أو يقول.

وقد خص الشطي- سامحه الله - صفة اليد (لله تعالى) بمزيد من الكلام بين سائر الصفات وبالغ في نفيها في الوقت الذي ينفي فيه علمه بتوحيد الأسماء والصفات عامة وصفة اليد خاصة وقال غير مرة في محاضرته (أنا لا أعلم هذا التوحيد) يعني توحيد الأسماء والصفات ثم أخذ يسأل الحضور سؤال استنكار وبأسلوب ساخر غير لائق بل يتنافى وتقدير الله حق قدره، إذ يقول: "هل تعلمون أن لله يدا، هل سمعتم من آبائكم أن لله يداً" يا سبحان الله. ما أجرأ هذا المسكين على ربه (السميع الحليم) ؟ نحن لا نختلف معه في أنه لا يعلم، لكن يعلم إذا كان لا يعلم هو؟ بل لماذا يسخر من العلماء؟ هلا تواضع ليتعلم على خريجي كلية الشريعة ولديهم علم ومعرفة في هذا الباب وغيره؟ وكيف استساغ الشطيّ أن يتحدث عن الله وعن صفاته بأسلوبه (اللامسئولية) ، هلا استحيا من الله وهو يتحدث عنه سبحانه بلا علم ولا هدى ولا كتاب منير؟.

يحدثنا التاريخ أن رجلا سأل الإمام مالكا عن كيفية استوائه تعالى على عرشه حيث قال: "الرحمن على العرش استوى، كيف استوى"؟، فاندهش الإمام مالك من هذا السؤال، كيف يتجرأ على الله هذا العبد المسكين الذي يعجز عن معرفة كيفية بعض مخلوقاته تعالى ثم يسأل عن كيفية استواء الله تعالى على عرشه، فأطرق مالك رأسه إلى أن تصبب عرقا حياء من الله. ثم رفع رأسه فقال: "الإستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015