وهنا مسألة هامة جدا أستحسن أن أذكرها له ولأمثاله لعل الله ينفعه بمعرفتها وهي: أن من عمل بنص من الكتاب أو من السنة لكونه وافق هواه، فلا يعد عاملا بذلك النص وإنما عمل بهواه بدليل أنه يسهل عليه مخالفته أو مخالفة نص أخر إذا خالف هواه فهو متبع لهواه في كلتا الحالتين، ليس متبعا للنص كما ترى، وأخشى أن يكون ما نحن بصدده من هذا القبيل والله المستعان.

هذه قاعدة عامة ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض كتبه فعليك بها، ثم هناك بعض تلك الأحاديث التي نهى فيها رسول الله عليه الصلاة والسلام عن الحلف بغير الله:

(1) عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت" رواه مالك والبخاري ومسلم وأصحاب السنن.

(2) عن أبن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رجلا يقول لا والكعبة فقال ابن عمر، لا تحلف بغير الله فإني سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" رواه الترمذي وحسنه وقواه ابن حبان وصححه ورواه الحاكم فقال صحيح على شرط الشيخين وفي رواية الحاكم: سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: "كل يمين يحلف بدون الله شرك".

(3) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغير الله صادقا" رواه الطبراني موقوفا وقال المنذري رواته رواة الصحيح.

وقال بعض آهل العلم تعليقا على هذا الأثر، وذلك لأن الحلف بغير الله كفر أو شرك كما صرح به الحديث السابق، والحلف بالله وهو كاذب معصية ولها كفارة، وبين الأمرين فرق كما ترى.

(4) وعن بريدة رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: "من حلف بالأمانة فليس منا" رواه أبو داود.

وهذه الأحاديث كما ترى صريحة الدلالة في عدم جواز القسم بغير الله، وأما حديث ابن عمر فصريح الدلالة على أن القسم بغير الله شرك.

ولتكون الفائدة أكمل أفيدكم بأن الحلف بغير الله من أنواع الشرك الأصغر الذي لا يخرج مرتكبه عن الملة إلا بضميمة معان أخرى، ويطلق عليه أهل العلم والفقه في الدين شرك دون شرك كما يقال كفر دون كفر وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق.. ومعرفة هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015