ومثل هذا لم يكن ظهر في زمن السلف الصالح حتى يجاهدوا فيه حق الجهاد وإنما ظهر في زمن قل فيه العلم وكثر فيه الجهل، ومع هذا فلا بد أن يقيم الله من يبين للأمة ضلاله، وله نصيب من الذل والصغار بحسب مخالفته لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم.
يا لله العجب، لو ادعى معرفة صناعة من صنائع الدنيا - ولم يعرفه الناس بها، ولا شاهدوا عنده آلاتها - لكذبوه في دعواه ولم يأمنوه على أموالهم، ولم يمكنوه أن يعمل فيها ما يدعيه من تلك الصناعة، فكيف بمن يدعي معرفة أمر الرسول وما شوهد قط يكتب علم الرسول ولا يجالس أهله ولا يدارسه؟ فلله العجب كيف يقبل أهل العقل دعواه، ويحكمونه في أديانهم، يفسدها بدعواه الكاذبة؟
إن كنت تنوح يا حمام البان ... للبين، فأين شاهد الأحزان؟
أجفانك للدموع أم أجفاني ... لا يقبل مدع بلا برهان
ومن أعظم ما حصل به الذل من مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ترك ما كان عليه من جهاد أعداء الله فمن سلك سبيل الرسول صلى الله عليه وسلم عز، ومن ترك الجهاد مع قدرته عليه ذل. وقد سبق حديث: " إذا تبايعتم بالعينة واتبعتم أذناب البقر وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه من رقابكم حتى تراجعوا دينكم ". ورأى النبي صلى الله عليه وسلم سكة الحرث فقال: " ما دخلت دار قوم إلا