وَذكر السُّبْكِيّ فِي طَبَقَات الشَّافِعِيَّة أَن أَبَا سهل قَالَ سَمِعت ابْن الصّلاح قَالَ سَمِعت مَشَايِخنَا يَقُولُونَ دَلِيل طول عمر الرجل اشْتِغَاله بِأَحَادِيث الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويصدقه التجربة فَإِن أهل الحَدِيث إِذا تتبعت أعمارهم تجدها فِي غَايَة الطول انْتهى
قلت وَذَلِكَ كَمَا يُقَال إِن من أَخذ نَفسه بتَعَلُّم الْحساب أول مرّة يغلب عَلَيْهِ الصدْق لما فِي الْحساب من صِحَة المباني ومناقشة النَّفس فَيصير لَهُ ذَلِك خلقا ويتعود الصدْق ويلازمه مذهبا وَقَالَ الْمولى ولي الله الْمُحدث الدهلوي فِي فيوض الْحَرَمَيْنِ رَأَيْت التشفع إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعلماء الحَدِيث وَالدُّخُول فِي عدادهم وبعلم الحَدِيث وَحفظه على النَّاس عُرْوَة وثقى وحبلا ممدودا لَا يَنْقَطِع فَعَلَيْك أَن تكون مُحدثا أَو متطفلا على مُحدث وَلَا خير فِيمَا سوى ذَيْنك فِيمَا أرى وَالله أعلم
وَقَالَ فِي التفهيمات رَأَيْت الْعلمَاء الْمُحدثين العاملين بعلمهم المهذبين للطائفهم البارزة أحب عِنْده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كثير من الصُّوفِيَّة الَّذين يفضلونهم بتهذيب لطائفهم الكامنة وَلَا يفضلونهم فِي تَهْذِيب لطائفهم البارزة انْتهى
وَمن قَول أبي بكر بن أبي دَاوُد السجسْتانِي رَحمَه الله فِي التحريص على علم الحَدِيث نظم
(تمسك بِحَبل الله وَاتبع الْهدى ... وَلَا تَكُ بدعيا لَعَلَّك تفلح)
(ولذ بِكِتَاب الله وَالسّنَن الَّتِي ... أَتَت عَن رَسُول الله تنجو وتربح)
(ودع عَنْك آراء الرِّجَال وَقَوْلهمْ ... فَقَوْل رَسُول الله أزكى وأشرح)
(وَلَا تَكُ فِي قوم تلهوا بدينهم ... فتطعن فِي أهل الحَدِيث وتقدح)
(إِذا مَا اعتقدت الدَّهْر يَا صَاح هَذِه ... فَأَنت على خير تبيت وتصبح)
وَأحسن مِنْهُ مَا قَالَ أَبُو مُحَمَّد هبة الله بن الْحسن الشِّيرَازِيّ نظم
(عَلَيْك بأصحاب الحَدِيث فَإِنَّهُم ... على مَنْهَج للدّين مَا زَالَ معجما)
(وَمَا النُّور فِي الحَدِيث وَأَهله ... إِذا مَا دجى اللَّيْل البهيم وأظلما)