إِلَيْهَا فَهَذَا الْعلم الْمَنْصُوص وَالْبناء المرصوص بِمَنْزِلَة الصراف لجواهر الْعُلُوم عقليها ونقليها وكالنقاد لنقود كل فنون أصليها وفرعيها من وُجُوه التفاسير والفقهيات ونصوص الْأَحْكَام ومأخذ عقائد الْإِسْلَام وطرق السلوك إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذِي الْجلَال وَالْإِكْرَام فَمَا كَانَ مِنْهَا كَامِل الْعيار فِي نقد هَذَا الصراف فَهُوَ الحري بالترويج والاشتهار وَمَا كَانَ زيفا غير جيد عِنْد ذَلِك النقاد فَهُوَ القمين بِالرَّدِّ والطرد وَالْإِنْكَار فَكل قَول يصدقهُ خبر الرَّسُول فَهُوَ الْأَصْلَح للقبول وكل مَا لَا يساعده الحَدِيث وَالْقُرْآن فَذَلِك فِي الْحَقِيقَة سفسطة بِلَا برهَان فَهِيَ مصابيح الدجى ومعالم الْهدى وبمنزلة الْبَدْر الْمُنِير من انْقَادَ لَهَا فقد رشد واهتدى وأوتي الْخَيْر الْكثير وَمن أعرض عَنْهَا وَتَوَلَّى فقد غوى وَهوى وَمَا زَاد نَفسه إِلَّا التخسير فَإِنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى وَأمر وأنذر وَبشر وَضرب الْأَمْثَال وَذكر وَإِنَّهَا لمثل الْقُرْآن بل هِيَ أَكثر وَقد ارْتبط بهَا أَتْبَاعه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي هُوَ ملاك سَعَادَة الدَّاريْنِ والحياة الأبدية بلامين كَيفَ وَمَا الْحق إِلَّا فِيمَا قَالَه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو عمل بِهِ أَو قَرَّرَهُ أَو أَشَارَ إِلَيْهِ أَو تفكر فِيهِ أَو خطر بِبَالِهِ أَو هجس فِي خلده واستقام عَلَيْهِ فالعلم فِي الْحَقِيقَة هُوَ علم السّنة وَالْكتاب وَالْعَمَل الْعَمَل بهما فِي كل إياب وَذَهَاب ومنزلته بَين الْعُلُوم منزلَة الشَّمْس بَين كواكب السَّمَاء ومزية أَهله على غَيرهم من الْعلمَاء مزية الرِّجَال على النِّسَاء {ذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء} فيا لَهُ من علم سيط بدمه الْحق وَالْهدى ونيط بعنقه الْفَوْز بالدرجات العلى
وَقد كَانَ الإِمَام مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن عَلَيْهِ السَّلَام يَقُول إِن من فقه الرجل بصيرته أَو فطنته بِالْحَدِيثِ وَلَقَد صدق فَإِنَّهُ لَو تَأمل المتأمل بِالنّظرِ العميق والفكر الدَّقِيق لعلم أَن لكل علم خاصية تتحصل بمزاولته للنَّفس الإنسانية كَيْفيَّة من الكيفيات الْحَسَنَة أَو السَّيئَة وَهَذَا علم تُعْطى مزاولته صَاحب هَذَا الْعلم معنى الصحابية لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَة هِيَ الِاطِّلَاع على جزئيات أَحْوَاله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومشاهدة أوضاعه فِي الْعِبَادَات