وَرُوِيَ عَن يحيى بن خلف بن الرّبيع الطرطوسي وَكَانَ من صلحاء عصره وَعباد دهره أَنه قَالَ حضرت يَوْمًا عِنْد مَالك فَأتى رجل وَقَالَ مَا نقُول فِي الْقُرْآن أهوَ مَخْلُوق أم لَا فَقَالَ الإِمَام اقْتُلُوا هَذَا الزنديق فَإِنَّهُ سيتولد فِي كَلَامه فتن كَثِيرَة وَقد عَمت الْبلوى بعد مَالك فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَقتلت جماعات كَثِيرَة من أهل السّنة على عدم القَوْل بهَا وَكَذَا رُوِيَ عَن جَعْفَر بن عبد الله أَنه قَالَ كُنَّا عِنْد مَالك فَسَأَلَهُ رجل عَن تَفْسِير قَوْله تَعَالَى {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى} كَيفَ هَذَا الاسْتوَاء فأظهر مَالك الملال الْكثير من هَذَا السُّؤَال وأطرق مَلِيًّا وتفكر كثيرا حَتَّى عرق جَبينه ثمَّ قَالَ الكيف مِنْهُ مَعْقُول والاستواء مِنْهُ مَجْهُول وَالْإِيمَان بِهِ وَاجِب وَالسُّؤَال عَنهُ بِدعَة ثمَّ أَمر بِإِخْرَاجِهِ
وَرُوِيَ عَن أبي عرُوبَة وَهُوَ من أَوْلَاد الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْد مَالك يَوْمًا فَإِذا رجل أَتَى وَذكر نقائص الصَّحَابَة ومساوئهم فَقَالَ مَالك اسْمَع ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {مُحَمَّد رَسُول الله وَالَّذين مَعَه أشداء على الْكفَّار رحماء بَينهم} حَتَّى بلغ إِلَى {ليغيظ بهم الْكفَّار} ثمَّ قَالَ من كَانَ فِي بَاطِنه سيء الظَّن بالصحابة ويعيش عدوا لَهُم فَهُوَ دَاخل فِي هَذَا اللَّفْظ فَافْهَم انْتهى الْمَقْصُود مِنْهُ مُلَخصا ومترجما من الفارسية بِالْعَرَبِيَّةِ
وَكَانَ لَا يركب فِي الْمَدِينَة المنورة مَعَ ضعفه وَكبر سنه وَيَقُول استحي من الله أَن أَطَأ تربة فِيهَا قبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد بلغ بِهَذَا الْأَدَب مَا بلغ وَكَانَ رَأس الْمُتَّقِينَ وَمن كبار تبع التَّابِعين وَفِيمَا ذَكرْنَاهُ كِفَايَة ومقنع