لما يختاره من الْمذَاهب والمسائل الَّتِي فِيهَا الْخلاف بَين الْأَئِمَّة فَجَمِيع مَا يُورِدهُ فِيهِ إِمَّا أَن يكون مِمَّا ترْجم بِهِ أَو مِمَّا ترْجم لَهُ فالمقصود فِي هَذَا التَّأْلِيف بِالذَّاتِ هُوَ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة وَهِي الَّتِي ترْجم لَهَا وَالْمَذْكُور بِالْعرضِ والتبع الْآثَار الْمَوْقُوفَة والمعلقة والآيات المكرمة فَجَمِيع ذَلِك ترْجم لَهُ فقد بَان أَن مَوْضُوعه إِنَّمَا هُوَ المسندات وَالْمُعَلّق لَيْسَ بِمُسْنَد انْتهى من هدي الساري مُقَدّمَة فتح الْبَارِي
وَقَالَ الشَّيْخ عبد الْحق الدهلوي فِي مُقَدّمَة اللمعات التعليقات كَثِيرَة فِي تراجم صَحِيح البُخَارِيّ وَلها حكم الِاتِّصَال لِأَنَّهُ فِي هَذَا الْكتاب لَا يَأْتِي إِلَّا بِالصَّحِيحِ وَلكنهَا لَيست فِي مرتبَة مسانيدها إِلَّا مَا ذكر مِنْهَا مُسْندًا فِي مَوضِع آخر من كِتَابه وَقد يفرق فِيهَا بِأَن مَا ذكر بِصِيغَة الْجَزْم والمعلوم كقال فلَان أَو ذكر فلَان دلّ على ثُبُوت إِسْنَاده عِنْده فَهُوَ صَحِيح قطعا وَمَا ذكره بِصِيغَة التمريض والمجهول كقيل وَيُقَال وَذكر فَفِي صِحَّته عِنْده كَلَام وَلكنه لما أوردهُ فِي هَذَا الْكتاب كَانَ لَهُ أصل ثَابت وَلِهَذَا قَالُوا تعليقات البُخَارِيّ مُتَّصِلَة صَحِيحَة انْتهى
قَالَ الْمولى ولي الله الْمُحدث الدهلوي أول مَا صنف أهل الحَدِيث فِي علم الحَدِيث وجعلوه مدونا فِي أَرْبَعَة فنون فِي السّنة أَعنِي الَّذِي يُقَال لَهُ الْفِقْه مثل موطأ مَالك وجامع سُفْيَان وفن التَّفْسِير مثل كتاب ابْن جريج وفن السّير مثل كتاب مُحَمَّد بن اسحاق وفن الزّهْد مثل كتاب ابْن الْمُبَارك فَأَرَادَ البُخَارِيّ أَن يجمع الْفُنُون الْأَرْبَعَة فِي كتاب ويجرد مَا حكم لَهُ الْعلمَاء بِالصِّحَّةِ قبل البُخَارِيّ وَفِي زَمَانه ويجرده للْحَدِيث الْمَرْفُوع الْمسند وَمَا فِيهِ من الْآثَار وَغَيرهَا إِنَّمَا جَاءَ بتبعا لَا بِالْأَصَالَةِ لهَذَا سمي كِتَابه بالجامع الصَّحِيح الْمسند وَأَرَادَ أَن يفرغ جهده فِي الاستنباط من حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويستنبط من كل حَدِيث مسَائِل كَثِيرَة جدا وَهَذَا أَمر لم يسْبقهُ إِلَيْهِ غَيره غير أَنه اسْتحْسنَ أَن يفرق الْأَحَادِيث فِي الْأَبْوَاب ويودع فِي تراجم الْأَبْوَاب سر الاسنباط