والثالث: الحسنة: النعمة، والسيئة: البلية. قاله ابن مُنَبِّه. قال: وعن أبى العالية نحوه. وهو أصح.
قلت: هذا هو القول المعروف بالإسناد عن أبي العالية، كما تقدم من تفسيره المعروف الذي يروى عنه هو وغيره، من طريق أبى جعفر الدارى عن الربيع بن أنس عنه وأمثاله.
وأما الثاني فهو لم يذكر إسناده، ولكن ينقل من كتب المفسرين الذين يذكرون أقوال السلف بلا إسناد، وكثير منها ضعيف، بل كذب لا يثبت عمن نقل عنه. وعامة المفسرين المتأخرين أيضا يفسرونه على مثل أقوال السلف، وطائفة منهم تحملها على الطاعة والمعصية.
فأما الصنف الأول، فهي تتناوله قطعا. كما يدل عليه لفظها وسياقها ومعناها وأقوال السلف.
وأما المعنى الثاني، فليس مراداً دون الأول قطعاً، ولكن قد يقال: إنه مراد مع الأول؛ باعتبار أن ما يهديه الله إليه من الطاعة هو نعمة في حقه من اللّّه أصابته، وما يقع منه من المعصية هو سيئة أصابته، ونفسه التي عملت السيئة. وإذا كان الجزاء من نفسه، فالعمل الذي أوجب الجزاء أولى أن يكون من نفسه.
فلا منافاة أن تكون سيئة العمل وسيئة الجزاء من نفسه، مع أن الجميع مقدر كما تقدم. وقد روى عن مجاهد عن ابن عباس؛ أنه كان يقرأ: " فمن نفسك وأنا قدرتها عليك ".