وكثير من أهل الضلال يظن أن الشفاعة تنال بهذه الأمور التي فيها شرك، أو هي شرك خالص، كما ظن ذلك المشركون الأولون، وكما يظنه النصارى، ومن ضل من المنتسبين إلى الإسلام، الذين يدعون غير الله، ويحجون إلى قبره أو مكانه، وينذرون له، ويحلفون به، ويظنون أنه بهذا يصير شفيعاً لهم، قال تعالى: {قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء: 56،57] .
قال طائفة من السلف: كان أقوام يعبدون المسيح والعزير والملائكة، فبين الله أنهم لا يملكون كشف الضر عنهم ولا تحويله، كما بين أنهم لا يملكون الشفاعة، وهذا لا استثناء فيه، وإن كان الله يجيب دعاءهم، ثم قال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} ، فبين أن هؤلاء المزعومين، الذين يدعونهم من دون الله كانوا يرجون رحمة الله تعالى ويخافون عذابه، ويتقربون إليه بالأعمال الصالحة، كسائر عباده المؤمنين وقد قال تعالى: {وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُون} [آل عمران: 80] .
وللناس في الشفاعة أنواع من الضلال، قد بسطت في غير هذا الموضع.
فكثير منهم يظن أن الشفاعة هي بسبب اتصال روح الشافع بروح المشفوع له، كما ذكر ذلك أبو حامد الغزالي وغيره، ويقولون: من كان أكثر صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، كان أحق بالشفاعة من غيره، وكذلك من كان أحسن ظناً بشخص، وأكثر تعظيماً له، كان أحق بشفاعته.