الحسنه والسيئه (صفحة 135)

ما تقول في هذا الرجل؟ فأما المؤمن، فيقول: هو عبد الله ورسوله، جاءنا بالبينات والهدى. وأما المرتاب، فيقول: هاه هاه، لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته " فلهذا قال: {إِلاَّ مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} .

وقد تقدم قول ابن عباس؛ يعني من قال: " لا إله إلا الله تعالى " يعنى: خالصا من قلبه.

والأحاديث الصحيحة الواردة في الشفاعة، كلها تبين أن الشفاعة إنما تكون في أهل " لا إله إلا الله ".

وقد ثبت في صحيح البخاري: أن أبا هريرة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: " يا أبا هريرة، لقد ظننت ألا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك؛ لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتى يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله تعالى، خالصا من قبل نفسه ".

فبين أن المخلص لها من قبل نفسه، هو أسعد بشفاعته صلى الله عليه وسلم من غيره ممن يقولها بلسانه، وتكذبها أقواله وأعماله.

فهؤلاء هم الذين شهدوا بالحق، شهدوا " أن لا إله إلا الله تعالى "، كما شهد الله تعالى لنفسه بذلك وملائكته وأولو العلم {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 18] .

فإذا شهدوا وهم يعلمون كانوا من أهل الشفاعة، شافعين، ومشفوعا لهم.

فإن المؤمنين أهل التوحيد يشفع بعضهم في بعض، كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة، كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الطويل، حديث التجلي والشفاعة: " حتى إذا خلص المؤمنون من النار، فو الذي نفسي بيده، ما منكم من أحد بأشد مناشدة لله تعالى في استيفاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015