الحسنه والسيئه (صفحة 108)

والربيون: الجموع الكثيرة، وهم الألوف الكثيرة.

وهذا المعنى هو الذي يناسب سبب النزول، وهو ما أصابهم يوم أُحُد، لما قيل: " إن محمداً قد قتل "، وقد قال قبل ذلك: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] وهى التي تلاها أبو بكر الصديق رضي الله عنه يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.

فإنه عند قتل النبي وموته، تحصل فتنة عظيمة للناس المؤمنين والكافرين وتحصل رِدَّة ونفاق؛ لضعف قلوب أتباعه لموته، ولما يلقيه الشيطان في قلوب الكافرين: إن هذا قد انقضى أمره، وما بقى يقوم دينه، وإنه لو كان نبيا لما قتل وغلب، ونحو ذلك. فأخبر الله تعالى؛ أنه كم من نبي قتل.

فإن بنى إسرائيل قتلوا كثيراً من الأنبياء، والنبي معه ربيون كثير أتباع له، وقد يكون قتله في غير حرب ولا قتال، بل يقتل وقد اتبعه ربيون كثير، فما وهن المؤمنون لما أصابهم بقتله، وما ضعفوا وما استكانوا، والله يحب الصابرين، ولكن استغفروا لذنوبهم التي بها تحصل المصائب فما أصابهم من سيئة فمن أنفسهم وسألوا الله أن يغفر لهم، وأن يثبت أقدامهم، فيثبتهم على الإيمان والجهاد لئلا يرتابوا، ولا ينكلوا عن الجهاد، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات: 15] ، وسألوه أن ينصرهم على القوم الكافرين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015