الحسنه والسيئه (صفحة 102)

أن يكون فلابد أن يكون، ولو سأله أهل السموات والأرض ألا يكون لم يجبهم، مثل إقامة القيامة، وألا يملأ جهنم من الجنة والناس أجمعين، وغير ذلك، بل كل ما علم الله أنه يكون فلا يقبل الله دعاء أحد في ألا يكون.

لكن الدعاء سبب يقضى الله به ما علم الله أنه سيكون بهذا السبب، كما يقضى بسائر الأسباب ما علم أنه سيكون بها.

وقد سأل الله تعالى من هو أفضل من كل من في البصرة بكثير، ما هو دون هذا فلم يجابوا؛ لما سبق الحكم بخلاف ذلك، كما سأله إبراهيم عليه الصلاة والسلام - أن يغفر لأبيه، وكما سأله نوح عليه السلام سأله نجاة ابنه، فقيل له: {يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [هود: 46] .

وأفضل الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، قيل له في شأن عمه أبى طالب: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى} [التوبة: 113] ، وقيل له في المنافقين: {سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [المنافقون: 6] وقد قال تعالى عموما: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255] ، وقال: {وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: 23] ، فمن هذا الذي لو سأل الله ما يشاؤه هو أعطاه إياه؟ !

وسيد الشفعاء محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، أخبر أنه: يسجد تحت العرش، ويحمد ربه، ويثنى عليه، فيقال له: " أي محمد، ارفع رأسك، وقل يُسْمَعْ، وسَلْ تُعْطَ، واشفع تشفع ". قال: " فيُحَدُّ لي حداً، فأدخلهم الجنة "، وقد قال تعالى: {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015