وَكَذَلِكَ مَنَعَ الْمُشْتَرِينَ إذَا تَوَاطَئُوا عَلَى أَنْ يَشْتَرِكُوا، فَإِنَّهُمْ إذَا اشْتَرَكُوا فِيمَا يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمْ حَتَّى يَهْضِمُوا سِلَعَ النَّاسِ أَوْلَى أَيْضًا، فَإِذَا كَانَتْ الطَّائِفَةُ الَّتِي تَشْتَرِي نَوْعًا مِنْ السِّلَعِ أَوْ تَبِيعُهَا قَدْ تَوَاطَأَتْ عَلَى أَنْ يَهْضِمُوا مَا يَشْتَرُونَهُ فَيَشْتَرُونَهُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ الْمَعْرُوفِ؛ وَيَزِيدُونَ مَا يَبِيعُونَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْمَعْرُوفِ؛ وَيُنَمُّوا مَا يَشْتَرُونَهُ: كَانَ هَذَا أَعْظَمَ عُدْوَانًا مِنْ تَلَقِّي السِّلَعِ وَمِنْ بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي وَمِنْ النَّجْشِ، وَيَكُونُونَ قَدْ اتَّفَقُوا عَلَى ظُلْمِ النَّاسِ حَتَّى يَضْطَرُّوا إلَى بَيْعِ سِلَعِهِمْ وَشِرَائِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَالنَّاسُ يَحْتَاجُونَ إلَى ذَلِكَ وَشِرَائِهِ وَمَا احْتَاجَ إلَى بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ عُمُومُ النَّاسِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ لَا يُبَاعَ إلَّا بِثَمَنِ الْمِثْلِ: إذَا كَانَتْ الْحَاجَةُ إلَى بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ عَامَّةً (?).
وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَحْتَاجَ النَّاسُ إلَى صِنَاعَةِ نَاسٍ؛ مِثْلَ حَاجَةِ النَّاسِ إلَى الْفِلَاحَةِ وَالنِّسَاجَةِ وَالْبِنَايَةِ: فَإِنَّ النَّاسَ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ طَعَامٍ يَأْكُلُونَهُ وَثِيَابٍ يَلْبَسُونَهَا وَمَسَاكِنَ يَسْكُنُونَهَا فَإِذَا لَمْ يُجْلَبْ لَهُمْ مِنْ الثِّيَابِ مَا يَكْفِيهِمْ كَمَا كَانَ يُجْلَبُ إلَى الْحِجَازِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَتْ الثِّيَابُ تُجْلَبُ إلَيْهِمْ مِنْ الْيَمَنِ وَمِصْرَ وَالشَّامِ وَأَهْلُهَا كُفَّارٌ وَكَانُوا يَلْبَسُونَ مَا نَسَجَهُ الْكُفَّارُ وَلَا يَغْسِلُونَهُ فَإِذَا لَمْ يُجْلَبْ إلَى نَاسِ الْبَلَدِ مَا يَكْفِيهِمْ احْتَاجُوا إلَى مَنْ يَنْسِجُ لَهُمْ الثِّيَابَ. وَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ طَعَامٍ إمَّا مَجْلُوبٌ مِنْ غَيْرِ بَلَدِهِمْ وَإِمَّا مِنْ زَرْعِ بَلَدِهِمْ وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ (?).